ش: أي فقيل لأولئك الذين ذهبوا في صلاة الخوف إلى حديث صالح بن خَوّاتٍ، فهذا جَوابٌ عما احتجوا به من هذا الحديث، تقريره: أن في هذا الحديث زيادة وهي أنهم قد قضوا صلاتهم والحال أنهم مأمومون قبل فراغ الإِمام من الصلاة؛ لأنه ذكر في حديث يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات:"ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا ... " إلى آخر الحديث، فهذا صريح أنهم أتموا قبل فراغ الإِمام، ويخالف هذا حديث شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن صالح بن خوات؛ لأن فيه "أنه صلى بطائفة منهم ركعةً" ولم يذكر فيه أنهم قد صلوا قبل أن ينصرفوا، فوقع بين الروايتين تضادّ وتعارض ظاهرًا.
ثم لا يخلو إما أن نقول بالتساوي بينهما، أو نذهب إلى الترجيح.
فإن كان الترجيح؛ فخبر عبد الرحمن، عن أبيه القاسم، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، عن النبي - عليه السلام - أحسن وأولى وأرجح من خبر يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات عمّن أخبره؛ لأن يزيد بن رومان لا يعادل القاسم.
وإن كان القول بالتساوي فهو عين التضادّ بين الخبرين وهو معنى قوله:"فإن تكافئا" أي: فإن تساويا وتنظرا -من الكفؤ وهو النظير- تضادّا لعدم المرجح، فإذا تضادّا لم يكن لأحد الخصمين حجة؛ لأن أحدهما إذا احتج على الآخر بأحد الخبرين، يحتج الآخر عليه بالآخر.
قوله:"فإن قال قائل: فإن يحيى بن سعيد ... " إلى آخره، اعتراض من جهة الخصم، تقريره أن يقال:(إن يحيى بن سعيد الأنصاري)(١) قد روى عن القاسم بن محمَّد، عن صالح بن خوات، عن سهل ما يوافق ما روى يزيد بن رومان وهو الذي رواه مالك بن أنس عنه عن القاسم كما مرَّ، ويحيى بن سعيد ليس بأدنى من عبد الرحمن بن القاسم في الضبط والإتقان والحفظ، فحينئذٍ يرجح خبر يزيد بن رومان.