للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقرير الجواب أن يقال: سلَّمنا أن يحيى بن سعيد كما ذكرتم ليس بأدنى من عبد الرحمن، بل هو يفوق عليه، ولكنه لم يرفع الحديث إلى النبي - عليه السلام - وإنما ذكره موقوفًا على سهل، ولا شك أن الموقوف لا يعادل المرفوع، ويحتمل أيضًا أن يكون ما رواه عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه القاسم، عن صالح بن خوات هو الذي كان عند سهل بن أبي حثمة، عن النبي - عليه السلام - خاصةً ثم يكون ما بقي منه قولًا بالرأي منه لا عن النبي - عليه السلام - فلذلك لم يرفعه يحيى بن سعيد إلى النبي - عليه السلام -، فلقد كان هذا الاحتمال موجودًا، فارتفذع أن تقوم به حجة.

وقال أبو بكر الرازي: حديث يزيد بن رومان مضطرب.

وقال صاحب "البدائع": الرواية عن سهل بن أبي حثمة متعارضة؛ فإن بعضهم روى عنه مثل مذهبنا أيضًا فكان الأخذ برواية ابن مسعود وابن عمر وحذيفة أولى؛ لأن الرواية عن هؤلاء لم تتعارض مع أن في حديث سهل بن أبي حثمة ما يدل على كونه منسوخًا؛ لأن فيه أن الطائفة الثانية يقضون ما سُبقوا به قبل فراغ الإِمام ثم يُسلّمون معه، وكان هذا في ابتداء الإِسلام أن المسبوق يبدأ بقضاء ما فاته ثم يتابع الإِمام، فهذا قد نسخ، ولهذا لم يأخذ أحد من العلماء برواية أبي هريرة - رضي الله عنه -.

قوله: "والنظر يدفع ذلك" أي وجه النظر والقياس يدفع ما ذكره الخصم من كيفية صلاة الخوف؛ لأن فيما ذكروه أنهم قد قضوا وهم مأمومون قبل فراغ الإِمام من الصلاة، ونحن لم نجد في شيء من الصلوات أن المأموم يصلي شيئًا من الصلاة قبل الإِمام، وإنما الذي يفعله المأموم إما أن يكون مع فعل الإِمام أو بعد ما يفرغ الإِمام، ولذلك قال صاحب "البدائع": إن ما ذكروه منسوخ لما ذكرناه الآن.

قوله: "وإنما يُلتمس علم ما اختلف فيه مما أجمع عليه" أراد بهذا أن الذي يختلف فيه ينبغي أن يكون له نظير مما فيه الإجماع حتى يقاس ذلك المختلف فيه على الأمر المجمع عليه، فهذا الذي ذكروه لا نظير له فيما أجمع عليه، فإذا كان كذلك فقد ظهر فساده.

<<  <  ج: ص:  >  >>