ففي هذا الحديث تحوُّل الإِمام إلى العدو بالطائفة التي صلّت معه الركعة، وليس ذلك في شيء من الآثار غير هذا الحديث، وفي كتاب الله -عز وجل- ما يدل على دفع ذلك؛ لأن الله -عز وجل- قال:{فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}(١) ففي هذه الآية معنيان موجبان لدَفْع هذا الحديث.
أحدهما قوله:{لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}(١)، فهذا يدل على أن دخولهم في الصلاة إنما هو في حين مجيئهم لا قبل ذلك.
والثاني قوله:{فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ}(١) ثم قال: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}(١) وذكر الإتيان للطائفتين إلى الإمام، وقد وافق ذلك من فعل النبي - عليه السلام - الآثار المتواترة التي بدأنا بذكرها، فهي أولى من هذا الحديث.
ش: أي قد روي عن أبي هريرة في كيفية صلاة الخوف خلاف ما روي عن غيره في هذا الباب؛ لأنه ذكر فيه تحوُّل الإِمام إلى العدو بالطائفة التي صلت معه الركعة حيث قال:"ثم قام رسول الله - عليه السلام - وقامت الطائفة الذين معه، فذهبوا إلى العدو فقابلوهم"، فهذا خلاف ما ذكر في أحاديث غيره كلها، وقوله تعالى:{فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ}(١) الآية، يدفع هذا الحديث من وجهين، وهو معنى قوله:"ففي هذه الآية مَعْنيان مُوجبان لدفع هذا الحديث ... " إلي آخره، وهو ظاهر غني عن مزيد البيان.
ثم إنه أخرج حديث أبي هريرة من طريقين صحيحين:
الأول: عن علي بن شيبة بن الصلت، عن أبي عبد الرحمن المقرئ -واسمه عبد الله بن يزيد القصير روى له الجماعة- عن حيوة بن شريح بن صفوان أبي زرعة المصري الزاهد العابد روى له الجماعة، وعن عبد الله بن لهيعة المصري -فيه مقال، ذكر ها هنا متابعًا- كلاهما يرويان عن أبي الأسود محمَّد بن عبد الرحمن ابن