للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: احتج الشافعي بما في حديث مسلم من هذا الحديث، وهو: "فمضمض، واستنشق من كف واحد يفعل ذلك ثلاثًا"، أن السنة في الوضوء أن يتمضمض، ويستنشق ثلاثًا من كف واحد، وهو وجه عنده.

وفي "الروضة": وفي كيفيته وجهان: أصحهما: يتمضمض من غرفة ثلاثًا، ويستنشق من أخرى ثلاثًا، والثاني: بست غرفات.

قلت: فعلى هذا ثلاثة أوجه عند الشافعي في المضمضة والاستنشاق، وهذه الأوجه الثلاثة منقولة عن أحمد، وأما مذهب مالك، فقد قال في "الجواهر": حكى ابن سابق في ذلك قولين: أحدهما: يغرف غرفة واحدة لِفيه وأنفه، والثاني: يتمضمض ثلاثًا في غرفة، ويستنشق ثلاثًا في غرفة فقال: وهذا اختيار مالك، والأول اختيار الشافعي.

وفي "المغني": وهو مخيَّر بين أن يمضمض ويستنشق ثلاثًا من غرفة أو بثلاث غرفات فإن عبد الله بن زيد روى عن النبي - عليه السلام -: "أنه مضمض واستنشق واستنثر ثلاثًا بثلاث غرفات"، متفق عليه، وروي البخاري عنه: "أن النبي - عليه السلام - مضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا من غرفة من واحدة"، وروى الأثرم، وابن ماجه: "أن رسول الله - عليه السلام - توضأ فمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا من كف واحد"، وإنْ أفرد لكل عضو ثلاث غرفات جاز؛ لأن الكيفية في الغسل غير [واجبة] (١).

وفي "التلويح" (٢) شرح البخاري: والأفضل أن يتمضمض، ويستنشق بثلاث غرفات كما في الصحاح وغيرها.

ووجه ثاني: يجمع بينهما بغرفة واحدة يتمضمض منها ثلاثًا، ثم يستنشق منها ثلاثا، رواه علي بن أبي طالب، عن النبي - عليه السلام - عند ابن خزيمة وابن حبان، ورواه أيضًا وائل بن حجر بسند ضعيف عند البزار.


(١) تكررت في "الأصل".
(٢) هو كتاب "التلويح شرح الجامع الصحيح" للحافظ علاء الدين مغلطاي صاحب "إكمال تهذيب الكمال". انظر "كشف الظنون" (١/ ٥٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>