للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما علمت أن النبي - عليه السلام - قال: اليمين للوجه، واليسار للمقعد" كذا ذكره صاحب "البدائع".

والترتيب بينهما سُنّة، ذكره في الخلاصة؛ لأنه لم يُنْقَل عن النبي - عليه السلام - في صفة وضوئه إلَّا هكذا، وهما سنتان في الوضوء، واجبتان في الغسل عندنا، وبه قال الثوري.

وقال الشافعي: هما سنتان فيهما جميعًا. وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري، والزهريّ، والحكم، وقتادة، وربيعة، ويحيي بن سعيد الأنصاري، ومالك، والأوزاعي، والليث، وهو رواية عن عطاء، وأحمد.

وقال أحمد -في المشهور عنه-: إنهما واجبتان فيهما. وهو مذهب ابن أبي ليلى، وحماد، وإسحاق، ورواية عن عطاء.

والمذهب الرابع: أن الاستنشاق واجب في الوضوء والغسل دون المضمضة، وهو مذهب أبي ثور، وأبي عبيد، ورواية عن أحمد، قال ابن المنذر: وبه أقول.

واحتجوا بما رواه البخاري (١)، ومسلم (٢): عن أبي هريرة أن النبي - عليه السلام - قال: "من توضأ فليجعل في أنفه ماء، ثم لينتثر".

قلنا: هذا محمول على الاستحباب.

ثم "المضمضة" تحريك الماء في الفم، قال ابن سيده: مضمض، وتمضمض. وكماله أن يجعل الماء في فيه ثم يُدِيره ويَمُجّه، وأقله أن يجعل الماء في فيه، ولا يشترط إدارته على مشهور مذهب الشافعي، وقال جماعة من أصحابه: يشترط، وفي "شرح البخاري للركني": المضمضة أصلها مُشْعِرٌ بالتحريك، ومنه مضمض النعاس في عينيه إذا تحرك، واستعمل في المضمضة لتحريك الماء في الفم.

وأما "الاستنشاق": فهو إدخال الماء في الأنف، وقال ابن طريف: نثر الماء في أنفه: دفعه، وأما الاستنثار فزعم ابن سيده أنه يقال: استنثر إذا استنشق الماء ثم


(١) "صحيح البخاري" (١/ ٧٢ رقم ١٦٠).
(٢) "صحيح مسلم" (١/ ٢١٢ رقم ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>