للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخسف وإلى البعير والناقة والمتحدث والقيام وفي كل موضع جائزة ما لم يأت نص أو إجماع متيقن في تحريم الصلاة في مكان ما، فيوقف عند النهي في ذلك.

وقد روينا عن رسول الله - عليه السلام - من طريق أبي هريرة وجابر وحذيفة وأنس - رضي الله عنهم -: أن من فضائلنا أن الأرض جُعلت لنا مسجدًا، وكل ما ذكرنا من الأرض فالصلاة فيه جائزة حاشى ما جاء النص بالمنع من الصلاة فيه كعطن الإبل والحمام والمقبرة وإلي قبر وعليه والمكان المغصوب والنجس ومسجد الضرار، وإنما جاء النهي عن الصلاة في المجزرة وظهر بيت الله الحرام من طريق زيد بن جبيرة وهو لا شيء، ومن طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث وهو ضعيف، وجاء النهي عن الصلاة في موضع الخسف من طريق ابن لهيعة وهو لا شيء، وجاء النهي عن الصلاة على قارعة الطريق من طريق الحسن عن جابر، ولا يصح سماع الحسن عن جابر - رضي الله عنه -.

وقال ابن قدامة في "المغني" (١): وزاد أصحابنا: المجزرة والمزبلة ومحجة الطريق وظهر الكعبة؛ لأنها في خبر عمر وابنه - رضي الله عنهما -، وقالوا: لا يجوز فيها الصلاة، ولم يذكرها الخرقي فيحتمل أنه جوّز الصلاة فيها وهو قول أكثر أهل العلم؛ لعموم قوله: "جُعلت لي الأرض مسجدًا" وهو صحيح متفق عليه (٢)، واستثني منها المقبرة والحمام ومعاطن الإبل بأحاديث صحيحة خاصة، ففيما عدا ذلك يبقى على العموم، وحديث ابن عمر وأبيه يرويهما العُمريُّ وزيد بن جَبيرة، وقد تكلَّم فيهما من قبل حفظهما فلا يترك الحديث الصحيح بحديثيهما، وهذا أصح، وأكثر أصحابنا فيما علمت عملوا بخبر عمر وابنه في المنع من الصلاة في المواضع السبعة.

ومعنى "محجة الطريق": الجادة المسلوكة التي يسلكها السابلة، وقارعة الطريق يعني التي تقرعها الأقدام فاعلة بمعني مفعولة مثل الأسواق والمشارع


(١) "المغني" (١/ ٧٥٤).
(٢) "صحيح البخاري" (١/ ١٦٨ رقم ٤٢٧)، و"صحيح مسلم" (١/ ٣٧٠ رقم ٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>