للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي: وكان من الدليل والبرهان للآخرين وهم أهل المقالة الثانية، وأشار بذلك إلى أن الأحاديث المذكورة محمولة على معاني يمنع الاحتجاج بها لما ذهب إليه أهل المقالة الأول على الإطلاق، وذكر فيها ثلاثة معاني أسند الاثنين عن خلاد بن محمَّد الواسطي، عن محمد بن شجاع بن الثلجي -بالثاء المثلثة- البغدادي من أصحاب الحسن بن زياد اللؤلؤي، عن يحيى بن آدم بن سليمان القرشي أبي زكرياء الكوفي روى له الجماعة، ذكره أصحابنا في جملة الأئمة الحنفية رحمهم الله، وأسند المعنى الثالث عن فهد بن سليمان، عن عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح بن حدير الحضرمي الحمصي قاضي الأندلس، روى له الجماعة البخاري في غير "الصحيح"، عن عياض، ذكره غير منسوب، والظاهر أنه عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري، وثقه ابن معين والنسائي وابن حبان، ويحتمل أن يكون عياض بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر القرشي الفهري المدني، نزيل مضر، وثقه ابن حبان، وعلَّل الخطابي أيضًا بالعلة الثانية، وذكر القاضي عياض في "شرح مسلم" العلة الثالثة.

وذكر الخطابي عن بعضهم علة أخرى وهي أن معنى النهي عن الصلاة في أعطان الإبل: أن المراد بذلك ما سَهُل من الأرض؛ لأنها مبوأ الإبل إذ لا تألف الحرونة، ومثل ذلك لا تظهر فيها النجاسة لإثارة ترابها وكثرته واختلاطها به فلا يؤمن كونها فيه.

قال القاضي عياض: وهذا بعيد في الفقه والتأويل.

والصواب ما قاله يحيى بن آدم, لأن ما جاء أنها جِنّ ومن جِنٍّ خلقت يساعد هذا؛ لأنه يدل صريحًا أن سبب النهي عن الصلاة في أعطان الإبل هو كونها مخلوقة من الجن؛ لأنه - عليه السلام - عَلّل بقوله: "فإنها خُلِقَتْ من الشياطين"، هذا في لفظ أبي هريرة، رواه ابن ماجه كما ذكرناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>