وقال أبو بكر الإسماعيلي: ليس في هذا الحديث بيان أنه صلى في موضع الإبل وإنما صلى إلى البعير لا في موضعه، وليس إذا أنيخ بعير في موضع صار ذلك عطنًا أو مأوى للإبل.
فإن قيل: فهذا الطحاوي أيضًا قد أخرجه في باب "الصلاة في أعطان الإبل" كالبخاري فما قيل فيه فهو وارد فيه.
قلت: ليس كذلك؛ لأن الطحاوي لم يبوِّب على هذا الحديث كالبخاري، وإنما ذكره في هذا الباب لبيان إباحة الصلاة إلى البعير، وليدل على أن النهي عن الصلاة في أعطان الإبل لا لأنه لا يجوز الصلاة بحذائها كما يصرح به هكذا، على ما يجيء عن قريب.
ثم اعلم أن القرطبي قال: في هذا الحديث دلالة أن أبوال الإبل ليست بنجسة وكذا روثها, ولا يعارضه النهي عن الصلاة في معاطنها؛ لأن المعاطن مواضع إقامتها عند الماء.
وقال ابن التين: عن مالك: ولا يُصلّى إلى الخيل والحمير؛ لأن أبوالها نجسة.
قلت: عند محمَّد بن الحسن: أبوال الفرس طاهرة فيصلى إليها.
ص: حدثنا فهدٌ، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: أنا يحيى بن أبي بكير العَبدي، قال: ثنا إسرائيل، عن زياد المُصَفّر، عن الحسن، عن المقدام الرهاوي قال:"جلس عبادة بن الصامت وأبو الدرداء والحارث بن معاوية - رضي الله عنهم - فقال أبو الدرداء: أيكم يحفظ حديث رسول الله - عليه السلام - حين صلّى بنا إلى بعير من المغنم؟ فقال عبادة: أنا. قال: فحدِّث. قال: صلَّى بنا رسول الله - عليه السلام - إلى بعير من المغنم ثم مدَّ يده فأخذ وَبَرةَ من البعير فقال: ما يحلَّ لي من غنائمكم هذه إلا الخُمس وهو مردود فيكم".