للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيانه: أن قوله: "هذه القبلة" يحتمل ما ذكرتم، ويحتمل أن يكون النبي - عليه السلام - أراد به: أن هذه القبلة التي يصلي إليها إمامكم الذي تأتمون به، فعندها يكون مقام الإمام، فأراد - عليه السلام - بذلك تعليمهم ما أمر الله -عز وجل- من قوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (١) فإذا كان كذلك لا يتم به الاستدلال.

قوله: "ولكن في ترك النبي - عليه السلام - الصلاة فيها" إشارة إلى الجواب عن الحديث المذكور.

بيانه: أن ترك النبي - عليه السلام - الصلاة في الكعبة في الحديث المذكور ليس دليلًا على عدم جواز الصلاة فيها؛ لأنه يجوز أن يكون ترك الصلاة فيها في ذلك الوقت وصلى في وقت آخر.

على أن حديث أسامة بن زيد المذكور مُعَارض بما رواه أحمد في "مسنده" (٢) وابن حبان في "صحيحه" (٣) في النوع الخامس عشر من القسم الخامس عن عمارة ابن عُمَيْر، عن أبي الشعثاء، عن ابن عمر، أخبرني أسامة بن زيد: "أن النبي - عليه السلام - صلى في الكعبة بين الساريتين".

وأما حديث ابن عباس فإنه معلل بإلإرسال؛ فإنه رواه عن أخيه الفضل بن عباس.

وقال السهيلي في "الروض الأنف": أخذ الناس بحديث بلال لأنه مثبت، وقدموه على حديث ابن عباس لأنه نافي، وإنما يؤخذ بشهادة المثبت، ومَنْ تأول قول بلال أنه صلى أبي دَعَا فليس بشيء؛ لأن في حديث ابن عمر: "أنه صلى ركعتين" رواه البخاري.

ص: وقد رُوِيَت عن النبي - عليه السلام - آثار متواترة أنه صلى فيها، فمن ذلك:


(١) سورة البقرة، آية: [١٢٥].
(٢) "مسند أحمد" (٥/ ٢٠٧ رقم ٢١٨٤٩).
(٣) "صحيح ابن حبان" (٧/ ٤٨٠ رقم ٣٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>