ش: هذا اعتراض من جهة أهل المقالة الأولى، تقريره أن يقال: إن ما ورد من النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها إنما هو عن التطوع خاصة، وليس ذلك بنهي عن قضاء الفرائض، والدليل على ذلك: ما ورد من النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، فإن هذا النهي لا يمنع عندنا وعندكم عن قضاء الصلوات الفائتة في هذين الوقتين، وإنما يمنع عن التطوع فيهما خاصة، فإذا كان كذلك؛ لا تفسد صلاة الصبح بطلوع الشمس في أثنائها، حتى إذا طلعت بعد أداء ركعة يضم إليها ركعة أخرى ويجزئ ذلك عنه.
وتقرير الجواب: ما أشار إليه بقوله: "وكان من الحجة للآخرين عليهم" أي على أهل المقالة الأولى أنه قد روي عن النبي - عليه السلام - على أن الصلوات الفائتة قد دخلت في النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وذلك في حديث عمران بن الحصين - رضي الله عنه -؛ لأن فيه أنه - عليه السلام - أخَّر صلاة الصبح حين فاتت عنهم إلى أن ارتفعت الشمس ولم يصلها قبل الارتفاع، فدل ذلك أن نهيه - عليه السلام - عن الصلاة عند طلوع الشمس عَامٌّ، فشمل الفرائض والنوافل، وتخصيص ذلك بالتطوع ترجيح بلا مرجح، ودَلّ ذلك أيضًا على أن الوقت الذي استيقظ فيه ليس بوقت للصلاة التي نام عنها مع قوله - عليه السلام -: "من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها".
ثم إنه أخرج حديث عمران - رضي الله عنه - من أربع طرق صحاح:
الأول: عن علي بن شيبة بن الصلت، عن روح بن عبادة بن العلاء البصري، عن هشام بن حسان الأزدي البصري، عن الحسن البصري.
وكلهم رجال الجماعة ما خلا شيخ الطحاوي.
فإن قيل: كيف تقول: طرق صحاح. وقد ذكر علي بن المديني وأبو حاتم الرازي وغيرهما أن الحسن البصري لم يسمع من عمران بن حصين.