وقال القاضي: لا يختلف قول أحمد في هذين الموضعين أنه يسجد لهما بعد السلام، واختلف قوله فيمن سها فصل خمسًا هل يسجد قبل السلام أو بعده؟ على روايتن، وما عدا هذه المواضع الثلاثة يسجد لها قبل السلام روايةً واحدةً".
وبهذا قال سليمان بن داود وأبو خيثمة وابن المنذر.
وحكى أبو الخطاب عن أحمد روايتين أخريين:
إحداهما: أن السجود كله قبل السلام؛ لحديث ابن بُحَينْة وأبي سعيد.
والثانية: أن ما كان من نقصٍ سجد له قبل السلام؛ لحديث ابن بحينة، وما كان من زيادة سجد لها بعد السلام؛ لحديث ذي اليدين وحديث ابن مسعود حين صلى النبي - عليه السلام - خمسًا، وهذا مذهب مالك وأبي ثور.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: ما كان من سجود سهو لنقصانٍ كان في الصلاة فهو قبل السلام كما في حديث ابن بُحَينْة، وكما في حديث معاوية.
وما كان من سجود سهو وَجَبَ لزيادةٍ زيدت في الصلاة فهو بعد التسليم.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون. وأراد بهم: مالكًا وأبا ثور ونفرًا من أهل الحجازة فإنهم قالوا: سجود السهو للنقصان قبل السلام كما في حديثي ابن بحينة ومعاوية، وللزيادة بعد السلام كما في حديث ذي اليدين وغيره مما هو مثله.
وقال أبو عمر في "التمهيد": قال مالك وأصحابه: كل سهو كان نقصانًا من الصلاة فالسجود له قبل السلام، وإن كان لزيادة فالسجود له بعد السلام.
قال أبو عمر: هو الصحيح في هذا الباب من جهة الآثار؛ لأن في قول مالك ومن تابعه على ذلك استعمال الخبرين جميعًا في الزيادة والنقصان، واستعمال الأخبار على وجوهها أولى من ادعاء النسخ فيها، ومن جهة النظر الفرق بين النقصان في ذلك وبين الزيادة؛ لأن السجود في النقصان إصلاح وجبر، ومحال