قوله:"فما بالاه" أي فما أكترث له، من بالى يبالي مبالاة.
ويستفاد منه أحكام:
فيه دليل على أن الحمار لا يقطع الصلاة، وزعم ابن القصار أن من قال: إن الحمار يقطع الصلاة قال: إن مرور حمار عبد الله كان خلف الإِمام بين يدي بعض الصف.
قلت: هذا كلام جيد لولا روايته البزار من أن ذلك كان بين يدي النبي - عليه السلام - كما ذكرناها آنفا.
وفيه حجة على أن الإِمام سترة لمن خلفه، لقوله:"فلم يقل لنا رسول الله - عليه السلام - شيئا" ولأن سكوت النبي - عليه السلام - -إن كان رآه- حجة في جواز ذلك، وإن كان لم يره فقد رآه جملة أصحابه فلم ينكروه عليه ولا أحد منهم.
وفيه جواز الارتداف على الحمير.
ص: ففي حديث عبيد الله عن ابن عباس أنهما مرا على الصف، فقد يجوز أن يكونا مرا على المأمومين دون الإمام وكان ذلك غير قاطع على المأمومين، ولم يكن في ذلك دليل على حكم مرور الحمار بين يدي الإِمام، ولكن في حديث صهيب عن ابن عباس: أنه مر برسول الله - عليه السلام - فلم ينصرف؛ فدل ذلك على أن مرور الحمار بين يدي الإمام غير قاطع للصلاة، وقد روي عن ابن عباس في الحديث الذي ذكرناه عنه في الفصل الأول من حديث ابن أبي داود: أن الحمار يقطع الصلاة ... في أشياء ذكرها معه في ذلك الحديث قال: وأحسبه قد أسنده.
فهذا الحديث الدي رويناه عن عبيد الله وصهيب عن ابن عباس مخالف لذلك؛ فأردنا أن نعلم أيهما نسخ الآخر؟ فنظرنا في ذلك فإذا أبو بكرة قد حدثنا قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا سماك، عن عكرمة قال:"ذكر عند ابن عباس ما يقطع الصلاة؟ فقالوا: الكلب والحمار، فقال ابن عباس: إليه يصعد الكلم الطيب، وما يقطع هذا ولكنه يكره".