فهذا ابن عباس قد قال: بعد رسول الله - عليه السلام -: إن الحمار لا يقطع الصلاة؛ فدل ذلك على أن ما روى عنه عبيد الله وصهيب كان متاخرًا عما رواه عنه عكرمة من ذلك.
ش: أراد بهذا تصحيح معاني الأحاديث المذكورة، وبيان النسخ فيها.
بيانه: أن ما رواه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس المذكور فيما مضى ليس فيه دليل على حكم مرور الحمار بين يدي الإِمام؛ لأنه قال: فمررنا على بعض الصف، فقد يجوز أن يكون مرورهما على المأمومين دون الإِمام، وكان ذلك غير قاطع على المأمومين؛ وهذا قال من يري أن الحمار يقطع الصلاة: إن مرور حمار عبد الله كان خلف النبي - عليه السلام - بين يدي بعض الصف، وليس فيه دليل على أن مروره بين يدي الإِمام غير قاطع للصلاة.
ولكن روي عن ابن عباس في الحديث الذي رواه إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن المقدمي، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس -قال: أحسبه قد أسند إلى النبي - عليه السلام -- قال:"يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب والحمار ... " الحديث.
فهذا الحديث يدل على أن مروره يقطع الصلاة مطلقًا؛ ولكن يعارضه ما رواه عبيد الله بن عبد الله وصهيب، عن ابن عباس؛ لأن فيه أن ذلك لا يقطع الصلاة، فقد حصل التعارض والتخالف بين حديثي ابن عباس، فيحتاج فيه أن نتظر حتى نعلم أيهما الناسخ، فنظرنا في ذلك فوجدنا عكرمة قد روى عن ابن عباس أنه قال:"ما يقطع هذا ولكنه يكره".
أخرجه بإسناد صحيح عن أبي بكرة بكار القاضي، عن مؤمل بن إسماعيل القرشي، وثقه ابن حبان ويحيى وآخرون.
عن سفيان الثوري، عن سماك بن حرب روى له الجماعة البخاري مستشهدًا، عن عكرمة مولى ابن عباس، عنه.