للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على التيمم ليس كذلك، فإنْ قلت: أليس هذا التقدير زيادة تُقَيِّد إطلاق الكتاب بخبر الواحد؟ وأنتم تأبون ذلك كما أبيتم زيادة تعيين الفاتحة على القراءة وزيادة الطهارة على الطواف بخبر الواحد.

قلت: بين الزيادتين فرق، وهو أنَّ هذه الزيادة لو لم تكن فيما نحن فيه يلزم منه فساد بيِّن وحرجٌ ظاهر، وكلاهما منتفٍ، وقد نفاهُ الشارعُ بقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١) وحججه لا تتناقض، فكانت الزيادة ثابتة بالنصّ الذي ينفي الحرج وخبر الواحد وقع موافقا له، وربما يقال: إنَّ هذه الزيادة ثبتت بقراءة ابن مسعود - رضي الله عنه -: "وأنتم محدثون" ورواية ابن بريدة "أنَّه خطاب للمحدثين" ومثله عن ابن عباس، وابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وعُبَيْدة، وأبي موسى، وجابر، وأبي العالية، وسعيد بن المسيّب، وإبراهيم، والحسن، والضحاك، وعليه إجماع التابعين والفقهاء.

وعند الشافعية في موجب الوضوء ثلاثة أوجه حكاها المتولي والشاشي عنهم.

أحدها: وجوبه بالحدث، فلولاه لم يجب.

والثالث: وجوبه بالقيام إلى الصلاة، فإنه لا يتعين الوضوء قبله.

والثالث: وهو الصحيح عند المتولي وغيره: يجب بالحدث والقيام إلى الصلاة جميعا.

والأوجه الثلاثة جارية في موجب الغسل هل هو الإنزال والجماع، أم القيام إلى الصلاة، أم كلاهما؟

ص: وكان مما رُوِي عن النبي - عليه السلام - ما يوافق ما ذهبوا إليه في ذلك ما حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أخبرني أسامة بن زيد وابن جريج وابن سمعان، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: "ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى امرأة من الأنصار ومعه أصحابه، فقربت لهم شاة مصلية، فأكل وأكلنا ثم حانت


(١) سورة الحج، آية: [٧٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>