للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدقع أو غرم مقطع" الذي رواه وهب بن خَنْبَش وبهذا التوفيق تتفق معاني الأحاديث المذكورة ويرتفع الخلاف.

ثم اعلم أنه صرَّح أن وهبًا الذي أخرج عنه فيما مضى هو ابن خَنْبَش، وقد ذكرنا الاختلاف فيه، والله أعلم.

ص: فإن سأل سائل عن معنى حديث عمر - رضي الله عنه - المروي عنه عن رسول الله - عليه السلام - في نحوٍ من هذا، وهو ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو اليمان، قال: ثنا شعيب، عن الزهري، قال: ثنا السائب بن يزيد، أن حويطب بن عبد العزى أخبره، أن عبد الله بن السعدي أخبره: "أنه قدم على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في خلافته، فقال له عمر: ألم أحدّث أنك تلي من أعمال الناس أعمالًا، فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟ فقال: نعم. فقال عمر - رضي الله عنه -: فما تريد إلى ذلك؟ فقلت: إن لي أفراشا وأعبدًا وأنا أتَّجر، وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين. فقال عمر - رضي الله عنه -: فلا تفعل، فإني قد كنت أردت، الذي أردت فقد كان النبي - عليه السلام - يعطيني العطاء فأقول: إعطه مَن هو إليه أفقر مني، حتى أعطاني مرةً مالًا فقلت له ذلك، فقال النبي - عليه السلام -: خذه فتموله فما جاءك من هذا وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك".

ففي هذا تحريم المسألة أيضًا.

قيل له: ليس هذا على أموال الصدقات، إنما هذا على الأموال التي يقسمها على الناس فيقسمها على أغنيائهم وفقرائهم كما فرض عمر - رضي الله عنه - لأصحاب رسول الله - عليه السلام - حين دوَّن الدواوين، ففرض للاغنياء منهم وللفقراء، وكانت تلك الأموال التي يعطاها الناس لا من جهة الفقر ولكن لحقوقهم فيها، فكره رسول الله - عليه السلام - لعمر - رضي الله عنه - حسن أعطاه الذي كان أعطاه منها قوله: "أعطه مَن هو أفقر إليه مني" أي: إني لم أعطك ذلك لأنك فقير إنما أعطيتك ذلك لمعنى آخر غير الفقر، ثم قال له: "خذه فتموله". فدل ذلك أيضًا أنه ليس من أموال الصدقات؛ لأن الفقير لا ينبغي له أن يأخذ من

<<  <  ج: ص:  >  >>