الصدقات ما يتخله مالًا، كان ذلك عن مسألة منه أو غير مسألة، ثم قال:"فما جاءك من هذا المال، الذي هذا حكمه "وأنت غير مشرف" أي: تأخذه لغير إشراف، والإشراف: أن تريد به ما قد نهيتَ عنه، وقد يحتمل قوله: "ولا سرف" أي: ولا تأخذ من الأموال أكثر مما يجب لك فيها، فيكون ذلك سرفًا فيها، "ولا سائل". أي: سائلًا منها ما لا يجب لك.
فهذا أوجه هذا الباب عندنا، والله أعلم.
فأما ما جاء في أموال الصدقات فقد أتينا بمعاني ذلك فيما تقدم من هذا الباب.
ش: تقرير السؤال أن يقال: إنكم قلتم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أباح السؤال في الأحاديث المذكورة إذا كان للفقر، وفي حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تحريم السؤال، فهذا ينافي ما ذكرتم.
وتقرير الجواب أن يقال: إن قوله: "ولا سائل" ليس على أموال الصدقات، وإنما هو على الأموال التي كان الناس يعطونها لا لأجل الفقر وإنما هو لأجل حقوقهم فيها من الأموال التي كانت تقسم على أغنيائهم وفقرائهم، كما كان عمر - رضي الله عنه - قد فرض لأصحاب رسول الله - عليه السلام - حين دوَّن الدواوين، وكان قد فرض للأغنياء والفقراء، ولم يخص فقراء دون الأغنياء، فافهم.
ثم إسناد الحديث المذكور صحيح، وأبو اليمان هو الحكم بن نافع شيخ البخاري، وشعيب هو ابن أبي حمزة دينار الحمصي، روى له الجماعة، والزهري هو محمَّد بن مسلم، روى له الجماعة.
وفيه اجتمعت أربعة من الصحابة وهو أحد الأحاديث التي جاءت كذلك:
الأول: السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود بن عبد الله الكندي ويقال: الأسدي، له ولأبيه صحبة.
الثاني: حويطب بن عبد العزي بن أبي قيس العامري، وهو من مسلمة الفتح، ومن المؤلفة قلوبهم.