قوله:"بيداؤكم هذه ... " إلى آخره محمول على أنه أراد أن ذلك وقع منهم على جهة السهو ولا نظن به أنه كان ينسب الصحابة إلى الكذب الذي لا يحل، وقد يجيء بمعنى أخطأ وسُمي الخطأ كذبا لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب، كما أن الكذب ضد الصدق وافترقا من حيث النية والقصد، لأن الكاذب يعلم أن الذي يقوله كذب والمخطىء لا يعلم.
قوله:"ما أهل رسول الله عليه السلام" قد ذكرنا أن أصل الإِهلال في اللغة رفع الصوت، وكل رافع صوته فهو مهل، ومنه قيل للطفل إذا سقط من بطن أمه فصاح: قد استهل صارخًا، والاستهلال والإِهلال سواء، وأما الإِهلال في الشريعة هو الإِحرام بالحج وهو التلبية بالحج أو العمرة وينوي ما شاء منها.
ص: قالوا وإنما كان ذلك بعد ما ركب راحلته، وذكروا في ذلك ما حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني صالح، عن نافع، عن ابن عمر:"أن النبي -عليه السلام- أهل حين استوت به راحلته قائمة، وقال وكان ابن عمر يفعله".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا مكي، قال: ثنا ابن جريج، قال: ثنا محمد بن المنكدر، عن أنس بن مالك قال:"بات رسول الله -عليه السلام- بذي الحليفة حتى أصبح، فلما ركب راحلته، واستوت به أهّل".
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن ابن جريج، قال: ثنا ابن شهاب، عن أنس، عن النبي -عليه السلام- مثله.
ش: أي قال هؤلاء القوم: إنما كان إهلاله -عليه السلام- بعد أن ركب راحلته، والدليل على ذلك حديث ابن عمر وأنس بن مالك -رضي الله عنهم-