وسعيد بن جبير لا يخضبون، وذكر الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي يخضب لحيته حمراء قانية، وقال يحيى بن يحيى الأندلسي: رأيت الليث بن سعد يخضب بالحناء، قال: ورأيت مالكًا يغير الشيب وكان نقي البشرة ناصع بياض الشيب حسن اللحية لا يأخذ منها من غير أن يدعها تطول، قال: ورأيت عثمان بن كنانة ومحمد بن إبراهيم وعبد الله بن نافع وعبد الرحمن بن القاسم وعبد الله بن وهب وأشهب بن عبد العزيز لا يغيرون الشيب، وذكر الليث بن سعد عن أبي عشانة وقال:"رأيت عقبة بن عامر يخضب بالسواد، ورُوي عن الحسن والحسن ومحمد ابن الحنفية أنهم كانوا يخضبون بالوسمة، ورُوي عن موسى بن طلحة وأبي أسامة ونافع بن جبير أنهم خضبوا بالسواد وكان إبراهيم والحسن وابن سيرين لا يرون به بأسًا.
وكره الخضاب بالسواد عطاء ومجاهد ومكحول والشعبي وسعيد بن جبير، ثم قال أبو عمر: ومما يدل على أن الصبغ بالصفرة المذكورة في هذا الحديث هو صبغ الثياب لا صبغ اللحية ما ذكره مالك، عن نافع: "أن عبد الله بن عمر كان يلبس الثوب المصبوغ بالمشق والمصبوغ بالزعفران".
وذكر في كتاب "الأنوار" في "شرح الموطأ": والذي رُوي عن ابن عمر أنه كان يصفر لحيته أكثر وأصح، ولا يمتنع أن يكون النبي -عليه السلام- كان يصبغ ثيابة بالصفرة فيقتدي به ابن عمر ويستحبها من أجله، ويصبغ بها ثيابه ولحيته، وقد روى أبو داود (١) عن ابن عمر: "كان يصبغ لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه من الصفرة، فقيل له: لم تصبغ بالصفرة؟
قال: إني رأيت رسول الله -عليه السلام- يصبغ بها. ولم يكن شيء أحب إليه منها، وقد كان يصبغ بها ثيابه كلها حتى عمامته".