للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: فلما اختلفوا في ذلك أردنا أن ننظر من أين جاء اختلافهم؟

فإذا إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي حدثنا -إملاءً- قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، قال: "قيل لابن عباس: كيف اختلف الناس في إهلال النبي -عليه السلام- فقالت طائفةٌ: أَهَلَّ في مصلاه، وقالت طائفة: حيث استوت به راحلته، وقالت طائفة: حين علا البيداء؟ فقال: سأخبركم [عن] (١) ذلك، إن رسول الله -عليه السلام- أهل في مصلاه، فشهده قومٌ فأخبروا بذلك، فلما استوت به راحلته أهل، فشهده قومٌ لم يشهدوه، وفي المرة الأولى فقالوا: أهل رسول الله -عليه السلام- الساعة، فاخبروا بذلك، فلما علا البيداء أهل فشهده قومٌ لم [يشهدوه]، (٢) في المرتين الأولتين فقالوا: أهّلَّ رسول الله -عليه السلام- الساعة فاخبروا بذلك، وإنما كان أهّلَّ النبي -عليه السلام- في مصلاه".

فبَيَّنَ عبد الله بن عباس الوجه الذي منه جاء اختلافهم، وأن إهلال النبي -عليه السلام- الذي ابتدأ الحج ودخل به فيه كان في مصلاه، فبهذا نأخذ.

وينبغي للرجل إذا أراد الِإحرام أن يصلي ركعتين ثم يحرم في دُبرهما كما فعل رسول الله -عليه السلام- وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمدٍ -رحمهم الله-.

ش: أي فلما اختلف الفرق الثلاث المذكورون فيما مضى في إهلال النبي -عليه السلام- لاختلاف ألفاظ الحديث أردنا أن ننظر من أين جاء هذا الاختلاف؟ فنظرنا في ذلك، فوجدنا حديث ابن عباس يخبر عن وجه الاختلاف ما هو؟ ويبين أن إهلال النبي -عليه السلام- الذي ابتدأ به الحج، ودخل به في الحج كان في مصلاه، فاخترنا ذلك، وقلنا: ينبغي للرجل إذا أراد الإِحرام أن يصلي ركعتين ثم يحرم عقبهما، وهو اختيار أبي حنيفة وأصحابه، وهذا أقرب إلى الاقتداء بفعل النبي -عليه السلام-، وأشبه به من الإِهلال حين استوت به راحلته كما ذهب إليه مالك، ومن الإِهلال حين تأخذ ناقته


(١) في "الأصل، ك": "من"، وهو تحريف، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(٢) في "الأصل، ك": "يشهده"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>