للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "حدثنا أبو بكرة إلى آخره" ذكره شاهدًا لما رواه أبو هريرة عن عمر -رضي الله عنهما-، أخرجه عن أبي بكرة بكار القاضي، عن مؤمل بن إسماعيل القرشي، عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد النخعي، عن كعب بن ماتع الحميري المعروف بكعب الأحبار، أدرك النبي -عليه السلام- وأسلم في خلافة أبي بكر الصديق، وقيل في خلافة عمر بن الخطاب، ويقال: أدرك الجاهلية فقدم المدينة، ثم خرج إلى الشام فسكن حمص حتى توفي بها سنة ثنتين من خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وقد بلغ سنة مائة وأربع وستين، روى له الجماعة غير مسلم، وابن ماجه في التفسير.

ص: وقد احتج في ذلك المخالفون لهذا القول بما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج، قال: حدثنا أبو عوانة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن أبيه قال: "كنا مع عثمان وعلي -رضي الله عنهما- حتى إذا كنا بمكان كذا وكذا قرّب إليهم طعام، قال: فرأيت جفنة كأني أنظر إلى عراقيب اليعاقيب، فلما رأى ذلك عليٌّ قام وقام معه ناس، قال: فقيل: والله ما أشرنا ولا أمرنا ولا صدنا، قيل لعثمان ما قام هذا ومن معه إلَّا كراهية لطعامك، فدعاه وقال: ما كرهت من هذا؟ فقال: علي -رضي الله عنه-: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (١) ثم انطلق". قال: فذهب عليٌّ إلى أن الصيد ولحمه حرام على المحرم.

قيل لهم: فقد خالفه في ذلك عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله وعائشة وأبو هريرة، وقد تواترت الروايات عن رسول الله -عليه السلام- بما يوافق ما ذهبوا إليه، وقوله -عز وجل-: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (١) يحتمل ما حرم عليهم منه هو أن يصيدوه؛ ألا ترى إلى قول الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (٢)


(١) سورة المائدة، آية: [٩٦].
(٢) سورة المائدة، آية: [٩٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>