يضاف مثله إلى رسول الله -عليه السلام-، ولعل الذي حكى عن ابن عمر لم يضبط، والوضوء على الجنب عند النوم غير واجب وإنما هو ندب؛ لأنه لا يرفع به حدثه، وفعله سُنَّة وخير، وليس من دفع من عرفة يجد من الفراغ ما يتوضأ به وضوءًا يشتغل به عن النهوض إلى مزدلفة، والنهوض إليها من أفضل أعمال البر فكيف يشتغل عنها بما لا معنى له؟! ألا ترى أنه لما جاءت تلك الصلاة في موضعها نزل فأسبغ الوضوء لها، أي توضأ لها كما يجب، فالوضوء عندي الاستنجاء بالماء لا غير؛ لأنه لم يحفظ عنه قط أنه توضأ لصلاة واحدة مرتين، وإن كان توضأ لكل صلاة.
قوله:"فقلت له: الصلاة" بالنصب على الإِغراء؛ ويجوز الرفع على تقدير جانب الصلاة.
قوله:"الصلاة أمامك" مرفوع بالابتداء، وقيل: معناه: المصلى الذي تصلي فيه المغرب والعشاء أمامك.
ثم اختلف العلماء فيمن صلى تلك الليلة الصلاة في وقتها هل يعيد إذا أتى المزدلفة أم لا؟ فقيل: يعيد؛ لهذا الحديث، وقيل: لا يعيد؛ لأن الجمع سُنَّة.
وقال أبو عمر: فيه دليل على أنه لا يجوز لأحد أن يصليها إلاَّ هناك، وذلك توقيف منه -عليه السلام- فإن كان له عذر فعسى الله أن يعذره، وأما من لا عذر له فواجب أن لا تجزئه صلاته قبل ذلك الموضع، على ظاهر هذا الحديث.
وروي عن عطاء وعروة وسالم والقاسم وسعيد بن جبير:"لا ينبغي لأحد أن يصليهما قبل جمع، فإن فعل أجزأه".
وبه قال الشافعي وأحمد وأبو ثور وإسحاق. انتهى.
قلت: إذا صلى المغرب في الطريق بعد غروب الشمس قبل أن يأتي مزدلفة فإن كان يمكنه أن يأتي مزدلفة قبل طلوع الفجر لم تجزئه صلاته، وعليه إعادتها ما لم يطلع الفجر. وهو قول أبي حنيفة ومحمد وزفر والحسن.