حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، عن صخر بن جويرية، عن عبد الرحمن بن الأسود، قال:"سمعت ابن الزبير يخطب يوم عرفة فقال: إن هذا يوم تسبيح وتكبير فسبحوا وكبروا، فجاء أبي -يعني الأسود- يحرش الناس حتى صعد إليه وهو على المنبر، فقال: أشهد على عمر -رضي الله عنه- أنه لبى على هذا المنبر في هذا اليوم، فقال ابن الزبير: لبيك اللهم لبيك".
أفلا ترى أن الأسود لما أخبر ابن الزبير بتلبية عمر -رضي الله عنه- في مثل يومه ذلك قبل ذلك منه وأخذ به فلبى ولم يقل له ابن الزبير: إني رأيت عمر -رضي الله عنه- لا يلبي في هذا اليوم، على ما قد رواه عامر بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر، ولكن ابن الزبير إنما حضر من عمر ترك التلبية يومئذ ولم يخبره عمر أن ذلك الترك إنما كان منه لخروج وقت التلبية، فكان ذلك عند ابن الزبير لخروج وقت التلبية، فلما أخبره الأسود أنه لبى يومئذ علم ابن الزبير أن ذلك الوقت الذي لم يكن عمر -رضي الله عنه- لبى فيه وقت للتلبية، وأن ذلك الترك الذي كان من عمر إنما كان لغير خروج وقت التلبية، فتوهم ابن الزبير هو أنه لخروج وقت التلبية وليس كذلك، ورأى ما أخبره به الأسود عن عمر -رضي الله عنه- من تلبيته أولى مما رآه هو منه في ترك التلبية.
ش: ذكر هذين الأثرين شاهدًا لما ذكره من التأويل في الأثر الذي رواه عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عمر -رضي الله عنه-.
وأخرجهما من طريقين صحيحين، رجالهما ثقات قد ذكروا غير مرة.
وأخرج ابن حزم (١): من طريق سفيان بن عيينة أنه سمع سعد بن إبراهيم يحدث، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد:"أن أباه صعد إلى ابن الزبير المنبر يوم عرفة، فقال له: ما يمنعك أن تهل، فقد رأيت عمر في مكانك هذا يُهل؟ فأهل ابن الزبير".