فوق الإزار، ولا يستلزم ذلك نفي المباشرة فيما تحت الإزار فحينئذٍ يجب عليكم أن تأتوا ببرهان يدل على مُدَّعاكم أنه ليس له منها إلاَّ ما فوق الإزار.
ومع هذا روي عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -عليه السلام- في هذا الباب ما يوافق ما ذهبنا إليه، ويخالف ما ذهبتم أنتم إليه، والحال أنها أحد مَنْ رويتم عنها ما كان رسول الله -عليه السلام- يفعل بنسائه إذا حضن، وهي أنها قالت:"كان رسول الله -عليه السلام- يباشرني في شعار واحد".
فهذا يدل على إباحة المباشرة فيما تحت الإزار، وبقي الكلام في التوفيق بين روايتي عائشة-رضي الله عنها-، وقد أشار إليه بقوله:"فلما جاء هذا عنها ... " إلى آخره، أي فلما جاءه هذا الحديث عن عائشة وهو قولها:"كان رسول الله -عليه السلام- يباشرني في شعار واحد" وقد جاء عنها أيضًا: "أنه كان يأمرها أن تأتزر ثم يباشرها" كان هذا محمولًا على أنه كان يفعل هكذا مرَّةً وهكذا مرةً، وفي ذلك إباحة المعنيين جميعًا فيرتفع بذلك التناقض بين الروايتين ويحصل التوفيق بينهما، ففي هذا الإِعمال بالروايتين، وفيما ذكر هؤلاء الإِعمال بإحداهما والإِهمال بالأخرى ,فالإِعمال أولى مِنَ الإِهمال.
ثم إنه أخرج حديث عائشة -رضي الله عنها- بإسناد صحيح، عن فهد ابن سليمان، عن أحمد بن عبد الله بن يونس شيخ البخاري ومسلم وأبي داود، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي روى له الجماعة سوى ابن ماجه , عن عائشة -رضي الله عنها-.
وأخرجه الجماعة بوجوه مختلفة، ولكن البيهقي أخرجه في "سننه"(١): نحوه من حديث زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عائشة:"كان رسول الله -عليه السلام- يباشرني في شعار واحد وأنا حائض، ولكنه كان أملككم لإرْبه -أو يملك إرْبَه-".