قوله:"أرأيت إن عجز أو استحمق". كلاهما على صيغة المعلوم، وتروى:"أو استُحْمِق" على صيغة المجهول، والأول أولى ليزاوج عجز؛ فافهم.
وفيه حذف تقديره: أفيرتفع عنه الطلاق إن عجز أو استحمق، قال القاضي: معناه: إن عجز عن الرجعة وفَعَل فِعل الفجار أو فَعَل فِعْلَ الحمقى. وقيل: أرأيت إن عجز في المراجعة التي أُمر بها -يعني حين فاته وقتها بتمام عدتها، أو ذهب عقله فلم يمكنه بعد في الحالين مراجعة- أتبقى معلقة لا ذات زوج ولا مطلقة، فلا بد من احتسابه بذلك الطلاق الذي أوقعه على غير وجهه، كما لو عجز عن بعض فرائضه فلم يقضه، أو استحمق فضيعه، أكان يَسقُط عنه؟ فهذا إنكار كبير وحجة على مَنْ قال: لا يعتد به، وقائله راوي القصة وصاحب النازلة، وقد جاء مفسرًا في حديث آخر:"أرأيت إن كان ابن عمر عجز واستحمق، فما يمنعه أن يكون طلاقًا؟! ".
قوله:"وما يمنعني". أي عن اعتداد تلك الطلقة.
قوله:"واستحمقت". أي فعلت فعل الحمقى، وحقيقة الحمق: وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه، يقال: استحمقته أي وجدته أحمق، فهو لازم ومتعدّ.
ويستنبط منه أحكام:
الأول: أن الطلاق في الحيض يحرم، ولكنه إن أُوقع لزم، وقد ذكر ابن عمر أنه اعتد بها. وقال عياض: ذهب بعض الناس ممن شذَّ أنه لا يقع الطلاق، وذكر في هذا الحديث أنه لم يعتد بها.
ورواية مسلم وغيره ها هنا أصح، وذكر بعض الناس أنه طلقها ثلاثًا.
وذكر مسلم (١) عن ابن سيرين "أنه أقام عشرين سنة يحدثه من لا يتهم أنه طلقها ثلاثاً حتى لقي الباهلي -وكان ذا ثبت- فحدثه عن ابن عمر أنه طلقها تطليقة".