للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لا نسلم أن بعض الطهر طهر، بل هو ليس بطهر؛ لأن بعض الطهر لو كان طهرًا لا يكون بين الأول والثالث قرءين، فينبغي أن يكتفي في الثالث ببعضه، فإذا مضى منه شيء شرع أن يحل لها التزوج وهو خلاف الإجماع؛ ولأنه لو كان كذلك لانقضت العدة في طهر واحد، حيث إن المراد من الطهر هو الشرعي.

فإن قيل: لا يحسب الطهر الذي وقع فيه الطلاق كما هو مذهب بعض المالكية فحينئذٍ تكون باقي الأطهار كاملة، وهي أن الأقراء هي الأطهار.

قلت: الخصم لا يقول بذلك، بل هو يحسب ذلك الطهر، فحينئذٍ يجب طهران وبعض، فيجب الانتقاص عن الثلاثة، وإن قلنا على مذهب من لا يحتسب هذا الطهر الذي وقع فيه الطلاق يجب ثلاثة أطهار وبعض، فهذا أيضًا لا يجوز؛ لأنها تزيد على الثلاثة، وقد قلنا: إن الثلاث عدد خاص بمنزلة العلم بعدد معلوم لا يحتمل غيره، سواء كان أقل منه أو أكثر. فافهم.

ص: فكان حجة مَنْ ذهب إلى أن الأقراء الأطهار في ذلك: أن قال: فقد قال الله -عز وجل-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (١) فكان ذلك على شهرين وبعض الشهر، فكذلك جعلنا الأقراء الثلاثة على قرءين وبعض قرء.

ش: هذا جواب من جهة الخصم عن المحذور المذكور، بيانه أن يقال: لم لا يجوز أن يذكر الثلاثة ويراد بها الاثنان وبعض الثالث كما في قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (١) حيث أريد به شهران وبعض الثالث؟ فكذلك نجعل الأقراء الثلاثة على قرءين وبعض قرء.

ص: فكان من حجتنا عليهم في ذلك أن الله -عز وجل- قال في الأقراء: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٢) ولم يقل في الحج: ثلاثة أشهر، ولو قال في ذلك: ثلاثة أشهر، فاجمعوا أن ذلك على شهرين وبعض شهر؛ ثبت بذلك ما قال المخالف لنا، ولكنه إنما قال: {أشهُر} (١)


(١) سورة البقرة، آية: [١٩٧].
(٢) سورة البقرة، آية: [٢٢٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>