للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يقل: ثلاثة، فاما ما حصره بالثلاثة فقد حصره بعدد معلوم، فلا يكون أقل من ذلك العدد، كما أنه لما قال: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} (١)، فحصر ذلك بالعدد، فلم يكن ذلك على أقل من ذلك العدد، فكذلك لما خص الأقراء بالعدد فقال: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٢) لم يكن ذلك على أقل من ذلك العدد.

ش: هذا تزييف للجواب المذكور وردُّ إياه، تقريره: أن "الأشهر" اسم عام لا عَلَم فيقبل المجاز بإرادة النقص، كما في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ} (٣) فإن المراد بالملائكة جبريل -عليه السلام- فقط، فأما أسماء الأعداد فلا يجوز فيه ذلك لكونها أعلامًا، والأعلام لا يجزئ عنها المجاز.

قوله: "لو قال في ذلك" أي لو قال الله عن الحج: الحج ثلاثة أشهر بالتنصيص على هذا العدد، ثم أجمع العلماء على أن المراد منها شهران وبعض شهر؛ كان قد ثبت بذلك ما يقوله الخصم، ولكنه إنما قال: {أَشْهُر} (٤) والأشهر اسم عام يقبل المجاز كما ذكرنا.

فإذا قيل: لو أريد بالقروء الحيض على ما ذكرتم، لزمكم ما ألزمتمونا به وهو الازدياد على الثلاثة؛ وذلك أنه إذا طلقها في الحيض لا يحتسب بتلك الحيضة إجماعًا، فيجب ثلاثة أقراء وبعض، واسم الثلاثة لا يحتمل ذلك، فهذا معارضة بالمثل.

قلت: إن ذلك الازدياد ثبت ضرورة وجوب التكميل فلا يعبأ به، إذ الحيضة الواحدة إجماعًا لا تقبل التجزئة فوجب التكميل، والثابت لضرورة العمل بالنصوص لا يعد زيادةً لتخلل الأطهار والحيض بين الثلاثة على اختلاف المذهبين.


(١) سورة الطلاق، آية: [٤].
(٢) سورة البقرة، آية: [٢٢٨].
(٣) سورة آل عمران، آية: [٤٢].
(٤) سورة البقرة، آية: [١٩٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>