وقد اعترض بأن الثلاثة اسم خاص لا يحتمل الزيادة والنقصان بأي طريق كان.
وأجيب بعد التسليم بذلك أن أحوال المسلمين محمولة على الصلاح ما أمكن، فالظاهر من حاله الإتيان بالمشروع وهو الطلاق في حالة الطهر، والاحتراز عن محظور دينه وهو الطلاق في الحيض، والله أعلم.
ص: وكان من حجة من ذهب إلى أن الأقراء الأطهار أيضًا أن قال: لما كانت الهاء تثبت في عدد المذكر؛ فيقال: ثلاثة رجال. وتنتفي من عدد المؤنث فيقال: ثلاث نسوة. فقال الله -عز وجل-: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}(١) فأثبت الهاء ثبت أنه أراد بذلك مذكرًا وهو الطهر لا الحيض.
ش: احتج من ذهب إلى أن الأقراء هي الأطهار أيضًا بدخول الهاء في {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}(١)؛ لأن الهاء لا تدخل إلا فيما يكون معدوده مذكرًا كما في قولك: ثلاثة رجال. وأما إذا كان معدوده مؤنثًا لا تدخل فيه الهاء كما في قولك: ثلاث نسوة.
فلما دخلت الهاء في قوله تعالى:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}(١) علمنا أن معدودها مذكر وهو الطهر لا الحيض.
ص: فكان من الحجة عليهم في ذلك أن الشيء إذا كان له اسمان أحدهما مؤنث والآخر مذكر، فإن جُمع بالمذكر أثبتت الهاء، وإن جُمع بالمؤنث أسقطت الهاء، من ذلك أنك تقول: هذا ثوب، وهذه ملحفة، فإن جمعت بالثوب قلت: ثلاثة أثواب. وإن جمعت بالملحفة قلتَ: ثلاث ملاحف. وكذلك: هذه دار وهذا منزل لشيء واحدٍ، فكأن الشيء قد يكون واحدًا مسمَّى باسمين أحدهما مذكر والآخر مؤنث، فإذا جمع بالمذكر فُعِل فيه كما يفعل في جمع المذكر فأُثبت الهاء، وإن جُمع بالمؤنث فُعِل فيه كما يُفعل في جمع المؤنث فاُسقطت الهاء فقيل: ثلاث حيض، وإن جُمع بالقروء أثبت الهاء فقيل: ثلاثة قروء، وذلك كله اسمان لشيء واحد، فانتفى بذلك ما ذكرنا مما احتج به المخالف لنا.