ولقد قال عمر -رضي الله عنه- بحضرة أصحاب رسول الله -عليه السلام-: "لو قدرت أن أجعلها حيضةً ونصف لفعلت" فلما كان ما على الأمة هو الحيض لا الأطهار وذلك نصف ما على الحرة ثبت أن ما على الحرة أيضًا هو من جنس ما على الأمة وهو الحيض لا الأطهار، فثبت بذلك قول الذين ذهبوا في الأقراء إلى أنها الحيض، وانتفى قول مخالفيهم، وهذا قول في حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
ش: وجه النظر والقياس الذي ذكره قوي؛ لأن العدة على الأمة نصف عدة الحرة بلا نزاع فإذا كانت الأمة آيسة تجعل عدتها شهرًا ونصف، وإذا كانت حائضًا تجعل عدتها حيضتان، فإذا كان ما عليها من العدة هو الحيض وذلك نصف ما على الحرة، ثبت بالضرورة أن ما على الحرة هو من جنس ما على الأمة وهو الحيض لا الأطهار.
قوله:"ولقد قال عمر -رضي الله عنه-: ... " ذكر هذا تاكيدًا لما قاله من وجوب العمل على الأمة على نصف ما يجب على [أطراف الحديث] الحرة، وبيانًا للواجب على الأمة الاعتداد بالحيض لا بالطهر.
ألا ترى كيف قال:"لو قدرت أن أجعلها حيضةً ونصفًا" أي أن أجعل عدة الأمة حيضة ونصف حيضة تحقيقًا للتنصيف، ولكن لما لم تتجزأ الحيضة جعلت كاملة فصارت حيضتان، ألا ترى أنه لما أمكن التنصيف الحقيقي في الأشهر جعلت عدتها شهرًا ونصفًا لإمكان التجزيء فيه.
ثم إن الطحاوي ذكر ما روي عن عمر -رضي الله عنه- معلقًا ها هنا.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١) مسندًا: نا ابن عيينة، عن عمرو [سمع عمرو بن أَوْس يقول]: أخبرني رجل من ثقيف يقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول:"لو استطعت أن أجعل عدة الأمة حيضةً ونصفًا فعلت".