قوله:"فنسيتها" بفتح النون والتخفيف، وفي رواية بالضم والتشديد، وفي رواية "فأنسيتها" من الإنساء على صيغة المجهول.
قوله:"الغوابر" أي: البواقي، جمع غابر، وهذه اللفظة من الأضداد؛ فإنها تستعمل بمعنى الماضي وبمعنى الباقي، وها هنا بمعنى الباقي.
ص: وقد حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر: تسعًا بقين، وسبعًا بقين، وخمسًا بقين".
فقد يجوز أن يكون أراد بذلك العام الذي كان اعتكف فيه ورأى ليلة القدر فأنسيها، إلا أنه كان علم أنها في وتر، فأمرهم بالتماسها في وتر من تلك العشر، ثم جاء المطر فاستدل به أنها كانت في عامه ذلك في تلك الليلة بعينها، وليس في ذلك دليل على وقتها في الأعوام الجائية بعد ذلك، هل هي في تلك الليلة بعينها، أو فيما قبلها، أو فيما بعدها؟ وقد يجوز أن يكون ما حكاه أبو نضرة في هذا عن أبي سعيد عن النبي -عليه السلام- هو للأعوام كلها، فيعود مع ذلك إلى معنى ما رويناه متقدمًا في هذا الباب عن ابن عمر، إلا أن في حديث أبي سعيد زيادة معنىً واحد، وهو: أنها تكون في الوتر من ذلك.
ش: هذا الحديث الذي رواه أبو نَضْرة -بالنون والضاد المعجمة- واسمه المنذر بن مالك بن قطعة العبدي ثم العوقي -بالقاف- نسبة إلى عوق بطن من عبد القيس، روى له الجماعة. يحتمل وجهين في المعنى:
أحدهما: أن يكون تفسيرًا للحديث، رواه أبو سلمة، عن أبي سعيد، أشار إليه بقوله: فقد يجوز أن يكون أراد بذلك -أي بقوله:"اطلبوا ليلة القدر ... " إلى آخره- العام الذي كان اعتكف فيه ورأى ليلة القدر فيه على التعيين، ولكنه أنسيها، إلا أنه قد كان علم أنها كانت في وتر، فلذلك أمرهم بالتماسها -أي: طلبها- في الأوتار بأن قال:"تسعًا بقين" وهي ليلة إحدى وعشرين، "وسبعًا