رويناه عنه في أول هذا الباب، فنفى بذلك أن تكون في العشر الأوسط، وثبت أنها في أحد العشرين، إما في الأَول وإما في الآخر.
وفي هذا الحديث أيضًا رجوع أبي ذر بالسؤال على رسول الله -عليه السلام- في أي العشرين، وجواب رسول الله -عليه السلام- إياه بأَنْ يتحراها في العشر الأواخر.
فنظرنا فيما روي في غير هذه الآثار هل فيه ما يدل على أنها في ليلة من هذين العشرين بعينها؟
فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن الصُّنابحي، عن بلال -رضي الله عنه-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ليلة القدر ليلة أربع وعشرين".
ففي هذا الحديث أنها في هذه الليلة بعينها.
ش: لما جاء عن ابن عمر عن النبي -عليه السلام-: "تحروها في السبع الأواخر من رمضان" كما مرَّ ذكره في أول الباب، وجاء عنه أيضًا:"تحروها ليلة سبع وعشرين"، وجاء عنه أيضًا:"أنها في كل رمضان" وجب توجيه ذلك كله.
أما قوله:"في كل رمضان" فقد مَرَّ الكلام فيه مستوفى.
وأما قوله:"في السبع الأواخر" فهو متضمن لقوله: "ليلة سبع وعشرين" إلا أن قوله: "ليلة سبع وعشرين" فيه تعيين لذلك، ثم هذا يحتمل أن يكون في عام بعينه، ويحتمل أن يكون كذلك في كل الأعوام، ولكن كل ذلك على وجه التحري لا على وجه اليقين.
وكذلك ما رواه عبد الله بن أنيس:"أنها ليلة ثلاث وعشرين" فيشمله ما رواه عبد الله بن عمر: "تحروها في السبع الأواخر" ويحتمل أن يكون ذلك على وجه التحري من رسول الله -عليه السلام- لليلة القدر في ذلك العام؛ لأجل أنه قد أُريها في وقتها الذي تكون هي فيه، ولكنه أنسيها، فحينئذٍ لم يكن في شيء من الأحاديث المذكورة ما يدل على ليلة القدر أَيُّ ليلة هي بعينها، غير أنه جاء في