للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: فقد ثبث بما ذكرنا أن لا حجة في شيء من ذلك لمن يوجب اللعان بالحمل، فإن قال قائل: فإن في قول رسول الله -عليه السلام-: "إن جاءت به كذا فهو لزوجها لان جاءت به كذا فهو لفلان؛ دليلًا على أن الحمل هو المقصود إليه بالقذف واللعان، فجوابنا له في ذلك أن اللعان لو كان بالحمل إذن فكان منتفيًا في الزوج غير لاحق به أشبهه أو لم يشبهه، ألا ترى أنها لو كانت وضعته قبل أن يقذفها فنفى ولدها وكان أشبه الناس به أنه يلاعن بينهما ويفرق بينهما ويلزم الولد أمه، ولا يلحق بالملاعن لشبهه به، فلما كان الشبه لا يجب به ثبوت النسب ولا يجب بعدمه انتفاء النسب وكان في الحديث الذي ذكرنا أن رسول الله -عليه السلام- قال: "إن جاءت به كذا فهو للذي لاعنها" دل ذلك على أنه لم يكن بالعان نافيًا له؛ لأنه لو كان نافيًا له، إذًا لما كان شبهه به دليلًا على أنه منه، ولا بعد شبهه إياه دليل على أنه من غيره.

وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي الذي سأله فقال: إن امرأتي ولدَتْ غلامًا أسود ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: "أن أعرابيًّا أتى النبي -عليه السلام- فقال: إن امرأتى ولدت غلامًا أسود، وإني أنكرتُه، فقال له: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمرٌ، قال: هل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لوُرْقًا، قال: فأنى ترى ذلك جاءها؟ قال: يا رسول الله إنه عرقٌ نزعها، قال: فلعل هذا عرقٌ نزعه".

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، وابن أبي ذئب، وسفيان، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن رسول رسول الله -عليه السلام- مثله.

فلما كان رسول الله -عليه السلام- لم يُرخص له من نفيه لبُعْد شبهه منه، وكان الشبه غير دليل على شيء ثبت أن جعل النبي -عليه السلام- ولد الملاعنة من زوجها إن جاءت به على شبهه دليل على أن اللعان لم يكن نفاه منه، فقد ثبت بما ذكرنا فساد ما احتج به الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>