للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرَوْن اللعان بالحمل، وفي ذلك حجة أخرى وهي أن في حديث سهل بن سعد، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "انظروها فإن جاءت به كذا فلا أُراه إلا وقد صدق عليها".

فكان ذلك القول من رسول الله -عليه السلام- على الظن لا على اليقين، وذلك فما دلّ أيضًا أنه لم يكن جرى منه في الحمل حكم أصلاً، فثبت بذلك فساد قول من ذهب إلى اللعان بالحمل، وإنما احتججنا به لمن ذهب إلى خلافه في أول هذا الباب ممن أَبَى اللعان بالحمل، وهو قول أبي حنيفة ومحمد، وقول أبي يوسف في المشهور.

ش: أي فقد ثبت بما ذكرنا من هذه الأحاديث أن لا حجة في شيء منها لأهل المقالة الأولى الذين أوجبوا اللعان بالحمل.

قوله: "فإن قال قائل" سؤال يرد على قوله أن لا حجة في شيء من ذلك، وهو جواب ظاهر أن قوله دليلًا على أن الحمل اسم إن في قوله: فإن في قول رسول الله -عليه السلام-.

قوله: "ولا بُعد شبه إياه" بضم الباء وسكون العين بمعنى ضد القرب.

قوله: "وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي" إنما ذكره تأكيدًا للحجة.

قوله: "إن الشبه غير دليل على شيء إذ لو كان دليلًا على شيء كان يرخص للأعرابي أن ينفي ولده منه" فلما لم يرخص له بذلك مع بعد شبه الابن إياه دلَّ على أنه غير دليل على شيء، ودل أيضًا أن جعل النبي -عليه السلام- ولد للملاعنة من زوجها إن جاءت به على شبهه كان دليلًا على أن اللعان لم يكن نافيًا له منه، فإذا كان كذلك ثبت فساد من يرى اللعان بالحمل.

فإن قيل: كيف ألحق النبي -عليه السلام- الولد بالملاعنة لما لاعن بينها وبين هلال بن أمية؟

فلو لم يكن اللعان بالحمل صحيحًا لما نفى نسبه منه؟

قلت: قد مر أن هلالًا لم يقذفها بالحمل بل بصريح الزنا وذكر الحمل، وبه نقول أن من قال لامرأته زنَيتِ وأنت حامل يلاعن؛ لأنه لم يعلق القذف بالشرط، ولأنه -عليه السلام- علم من طريق الوحي أن هناك ولدًا؛ ألا ترى أنه قال: إن جاء على صفة

<<  <  ج: ص:  >  >>