للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذا فهو لكذا، وإن جاء على صفة كذا فهو لكذا، ولا يعلم ذلك إلا بالوحي ولا طريق لنا إلى معرفة ذلك فلا ننفي الولد.

فإن قيل: ذكر البيهقي حديث سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، أخبرني عبد الرحمن، عن القاسم بن محمد، عن ابن عباس: "ذكر المتلاعنان عند رسول الله -عليه السلام-، فقال عاصم بن عدي في ذلك قولاً ثم انصرف، فأتاه رجل من قومه فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلاً، فقال عاصم: ما ابتليت بهذا الأمر إلا لقولي، فذهب به إلى رسول الله -عليه السلام- فأخبر به بالذي وجد على امرأته، وكان ذلك الرجل مصفرَّا قليل اللحم سَبِط الشعر، وكان الذي وجد عند أهله آدم خَدْلًا كثير اللحم جعدًا قططًا، فقال رسول الله -عليه السلام-: اللهم بيِّن، فوضعت شبيهًا بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجد عندها، فلاعن رسول الله -عليه السلام-، فقال رجل لابن عباس في المجلس: هي التي قال رسول الله -عليه السلام-: لو رجمت أحدًا بغير بينة لرجمت هذه، فقال ابن عباس: لا، تلك امرأة كانت تظهر السوء في الإِسلام"، ثم قال البيهقي: هذه الرواية توهم أنه لاعن بينهما بعد الوضع، قلت: هذا الحديث أخرجه البخاري عن إسماعيل، عن سليمان بن بلال، عن يحيى.

وأخرجه مسلم عن محمد بن رمح وعيسى بن حماد المصريان، عن الليث، عن يحيى بن سعيد.

وقول البيهقي: "هذه الرواية توهم" ليس كذلك؛ بل هي صريحة فيه، فإن كان اللعان فيه بالقذف ولا خلاف فيه، وإن كان بالحمل فبعد أن وضع وباتت حقيقة؛ فلا حجة فيه، وقال الطحاوي: ومذهب أبي حنيفة أنه إذا نفى حملها لا يلاعن؛ لأنه يجوز أن يكون حاملًا كما ذكرنا فيما مضى، ولهذا لو كانت له أمة حامل فقال لعبده: إذا كانت أمتي حاملاً فأنت حرّ، فمات أبو العبد قبل أن تضع، لا يرثه العبد في قول جميعهم، فقد لا يكون حملًا فلا يستحق العبد، وإنما نفى النبي -عليه السلام- الولد لأنه علم بالوحي وجوده؛ ولهذا قال: إن جاءت به كذا فهو لفلان ... الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>