فإن قيل: أوجب الله النفقة للمطلقة الحامل بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}(١)، فكما ينفق عليها ما يغذي به ولدها قبل أن يضمه فكذا اللعان.
قلت: النفقة عليها بسبب العدة، إذ لو كانت للحمل لسقطت إذا كان للحمل مال بإرث أو غيره، ولو أوصى للحمل بمال لا ينفق على المطلقة من ذلك المال، ولو كانت المطلقة آيسة من الحمل تجب النفقة.
وقوله تعالى:{حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}(١) غاية لوجوب النفقة يقضي به وجوبها عليه، وبعد الوضع يعلم حقيقة أنها كانت حاملاً.
وذكر ابن رشد في "القواعد" وضعًا آخر وهو: أن اللعان إذا مضى لا يمكن ردّه والنفقة يمكن ردّها.
وعن مالك: لا نفقة للمطلقة الحامل حتى تضع فيقضى لها بنفقة ما مضى، وهو قياس القول بأن اللعان لا يكون إلا بعد وضعه، إلا أنه مخالف لظاهر قوله تعالى:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ ...}(١) الآية.
فإن قيل: قضاؤه -عليه السلام- في دية شبه العمد بالخلْفات التي في بطونها أولادها دليل على أن الحمل يدرك.
قلنا: هن حوامل بغلبة الظن ظاهرًا لا تحقيقًا، فإن تبين ذلك الظاهر بوضعهن مضى الأمر وإلَّا ردَّهن وطَالَبَ بالحوامل، ولا يمكن ذلك في اللعان إذا مضى.
وقال الخطابي: وإنما ترد الجارية بعيب الحمل إذا قالت النساء: هي حبلى؛ لأن الردّ بالعيب يثبت بالشبهة كسائر الحقوق التي لا تسقطها الشبهة، والحدّ لا يجوز إثباته بالشبهة.
ثم إنه أخرج حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- من طريقين صحيحين رجالهما كلهم من رجال "الصحيحين":