للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقصيل الجائحة، وبه قال ابن عبد الحكم، وقال سحنون: إذا تناهى العنب وآن قطافه حتى لا يتركه تارك إلا لسوق يرجوه أو لشغل يعرض له لم توضع فيه جائحة، هذا في البيع.

وأما إن كان مهرًا في النكاح فقال ابن القاسم: لا جائحة فيه. وقال ابن الماجشون: فيه الجائحة. وقال ابن زرقون أيضًا: وما بيع من الثمار كالتين والعنب والتمر واللوز والجوز والتفاح فيراعي في جائحته الثلث، فإن قصرت الجائحة عن الثلث لم يوضع عن المشتري شيء، وما كان من أنواع البقول والأصول المغيبة مما الغرض في أعيانها دون ما يخرج منها، ففيها روايتان: نفي الجائحة جملة، وإثباتها.

فإذا قلنا بإثباتها فيها، فروى ابن القاسم عن مالك: أن الجائحة توضع فيها قليلها وكثيرها، وإن كانت دون الثلث قال ابن القاسم: عن مالك في "المدونة": إلا أن يكون الشيء التافه، وروي عنه: أنه لا يوضع من جائحتها إلا ما بلغ الثلث.

وأما القثاء والبطيخ والقرع والباذنجان والفول والجلبان، فروى ابن القاسم وجميع أصحابنا: أن الثلث يعتبر في جائحتها، وقال محمد عن أشهب: المقاثي كالبقل يوضع قليل جائحتها وكثيرها، فإن كان المبيع من الثمار في عقد واحد أجناسًا: عنبًا وتينًا وسفرجلًا أو ياسمينًا ووردًا، فأصاب جنسًا منها جائحة دون سائرها: فروى ابن حبيب عن مالك: كل جنس معتبر بنفسه إن بلغت ثلثه وضعت، وإن لم تبلغه لم توضع. وروى محمد عن أصبغ: أن جائحة المصاب معتبرة بالجملة، سواء كان في حائط أو حوائط مختلفة، ولو أشتري حوائط كثيرة من جنس واحد فأصابت الجائحة حائطًا منها اعتبر ثلث الجملة، والله أعلم.

قال ابن حزم في "المحلى" (١): وأما قول مالك في الجوائح فإنه لا يعرف عن أحد قبله ما ذكرنا عنه من التقسيم بين الثمار والمقاثي، وبين البقول والموز، ولا يعضد


(١) "المحلى" (٨/ ٣٨٤ - ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>