قوله في ذلك قرآن ولا سنة، ولا رواية سقيمة أصلًا ولا قول أحد من السلف، ولا قياس ولا رأي له وجه، ولهم في تخصيص الثلث آثار ساقطة، وهي التي روينا من طريق عبد الملك بن حبيب الأندلسي، ثنا مطرف، عن أبي طوالة، عن أبيه، أن رسول الله -عليه السلام- قال:"إذا أصيب ثلث الثمرة فقد وجب على البائع الوضيعة".
قال عبد الملك: وحدثني أصبغ بن الفرج، عن السبيعي، عن عبد الجبار بن عمر، عن ربيعة الرأي:"أن رسول الله -عليه السلام- أمر بوضع الجائحة إذا بلغت ثلث الثمر فصاعدًا".
قال عبد الملك: وحدثني عبد الله بن موسي، عن خالد بن إياس، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "خمس من الجوائح: الريح، والبرد، والحريق، والجراد، والسيل".
قال علي: هذا كله كذب، عبد الملك مذكور بالكذب، والأول مرسل مع ذلك، والسبيعي مجهول، لا يدري أحد من هو، وعبد الجبار بن عمر ضعيف، وهو أيضًا مرسل؛ فسقط كل ذلك، وخالد بن إياس ساقط.
وذكروا أيضًا عمن دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما روينا من طريق عبد الملك بن حبيب: نا ابن أبي أويس، عن الحسين بن عبيد الله بن ضَمْرة، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "أنه كان يقضي بوضع الجائحة إذا بلغت ثلث الثمن فصاعدًا".
ومن طريق ابن حبيب أيضًا: حدثني الحزامي، عن الواقدي، عن موسى بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن سليمان بن يسار قال:"باع عبد الرحمن بن عوف من سعد بن أبي وقاص عنبًا له، فأصابه الجراد، فأذهبه -أو أكثره- فاختصما إلى عثمان بن عفان، فقضى على عبد الرحمن برد الثمن إلى سعد".
قال الواقدي: وكان سهل بن أبي حثمة وعمر بن عبد العزيز والقاسم وسالم وعلي بن الحسين وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح يرون الجائحة موضوعة عن المشتري إذا بلغت الثلث فصاعدًا.