وقال القاضي: أجاز جمهور العلماء استسلاف سائر الأشياء من الحيوان والعروض، واستثنيت من ذلك الجواري، وعلته أنه قد يَرُدَّها بنفسها فتكون من عارية الفروج، وأجاز ذلك بعض أصحابنا بشرط أن يَرُدَّ غيرها، وأجاز استقراض الجواري الطبري والمزني، وروي عن داود الأصبهاني.
وقال أبو عمر: قال ابن حبيب وأصحابه والأوزاعي والليث والشافعي: يجوز استقراض الحيوان كله إلا الإماء.
وعند مالك: إن استقرض أمة ولم يطأها ردها بعينها، وإن حملت ردها بعد الولادة وقيمة ولدها إن ولد حيًّا وما نقصتها الولادة، وإن ماتت لزمه مثلها، فإن لم يوجد مثلها فقيمتها.
وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استقراض مَالَهُ مِثلٌ من المكيل والموزون والأطعمة جائز. ويجوز قرض كل ما يثبت في الذمة سلمًا سوى بني آدم، وبهذا قال الشافعي.
وقال ابن قدامة: أما بنوا آدم فقال أحمد: أكره قرضهم، فيحتمل كراهة تنزيه، ويصح قرضهم، وهو قول ابن جريج والمزني، ويحتمل أنه كراهة التحريم فلا يصح قرضهم، اختاره القاضي.
وقال مالك والشافعي: يصح قرض العبيد دون الجواري إلا أن يقرضهن من ذي محارمهن.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا يجوز استقارض الحيوان، وقالوا: يحتمل أن يكون هذا قبل تحريم الربا، ثم حرم الربا بعد ذلك وحرم كل قرض جرَّ منفعةً، وردت الأشياء المستقرضة إلي أمثالها فلم يجر القرض إلا فيما له مثل، وقد كان أيضًا قبل نسخ الربا يجوز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، والدليل على ذلك: أن ابن أبي داود] (١) حدثنا، قال: ثنا أبو عمر الحوضي (ح).