فإن قيل: كيف وجه هذا النسخ، والنسخ لا يكون إلا بمعرفة التاريخ؟ ولهذا قال الخصم: وهذا الحديث -أعني حديث أبي رافع- حجة عليهم، وليس للسنة مدفع، وليس دعواهم النسخ بغير حجة تدفعها.
قلت: قد يوجد النسخ بدلالة التاريخ, وهو أن يكون أحد النصين موجبًا للحظر والآخر موجبًا للإباحة، ولا شك أن حديث أبي رافع يوجب إباحة استقراض الحيوان مطلقًا، وآية الربا تحرِّم كل فضل حالّ عن العوض، ففي استقراض الحيوان يوجد هذا المعنى فيمنع كما يمنع الربا؛ ولأجل هذا المعنى أيضًا منع من بيع الحيوان بالحيوان نسيئة بعد نزول آية الربا؛ لأن فيه ذلك المعنى الذي حرم به الربا، فإذا كان كذلك ثبت النسخ في استقراض الحيوان؛ لأن النص الموجب للحظر فيه متأخرًا عن الموجب للإباحة، فكان الأخذ به أولى، فافهم.
قوله:"والدليل على ذلك" أي على كون جواز بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً قبل نسخ الربا: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
أخرجه عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أبي عمر حفص بن عمر الحوضي البصري، شيخ البخاري وأبي داود، ونسبته إلى حوض داود بن المهدي بن المنصور، محلة كانت ببغداد.
وعن نصر بن مرزوق، عن الخَصيب -بفتح الخاء وكسر الصاد- بن ناصح الحارثي الثقة، يروي هو وأبو عمر الحوضي كلاهما، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني، عن يزيد بن أبي حبيب سويد المصري، روى له الجماعة.
عن مسلم بن جبير الحرشي، وثقه ابن حبان.
عن أبي سفيان، وثقه يحيى بن معين، قاله عثمان بن سعيد.
عن عمرو بن حَرِيش -بفتح الحاء وكسر الراء المهملتين وفي آخره شين معجمة- وثقه ابن حبان.