وقال سليمان بن يسار: لا يصلح ثوب بثوبين إلا يدًا بيد.
وقال الليث: نسيج مصر كله صنف واحد، لا يجوز فيه النَساء بعضه ببعض، ويجوز نسيج مصر بنسيج العراق نسيئة.
قوله:"ما قد أجمعوا عليه في استقراض الإماء أنه لا يجوز" أراد بهذا الإجماع: إجماع الأئمة الأربعة لا إجماع الفقهاء كلهم، فإن المزني وابن جرير الطبري وداود الأصفهاني أجازوا استقراض الإماء، وقد مرَّ الكلام فيه عن قريب.
ص: فإن قال قائل: فإنا قد رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم في الجنين بغرةً عبدًا أو أمةً، وحكم في الدية بمائةٍ من الإبل، وفي أروش الأعضاء بما قد حكم به مما قد جعله في الإبل، فكان ذلك حيوانًا كله يجب في الذمة، فلم لا كان كل الحيوان أيضًا كذلك؟.
قيل: قد حكم النبي -عليه السلام- في الدية وفي الجنين بما ذكرت من الحيوان، ومنه من بيع الحيوان بعضه ببعض نسيئةً على ما قد ذكرنا وشرحنا في هذا الباب، فقد ثبت النهي في وجوب الحيوان في الذمة بأموال، وأبيح وجوب الحيوان في الذمة بغير أموال، فهذان أصلان مختلفان نصححهما ونرد إليهما سائر الفروع، فنجعل ما كان بدلاً من مالٍ حكمه حكم القرض الذي وصفنا، وما كان بدلاً من غير مال فحكمه حكم الديات والغرة التي ذكرنا، من ذلك: التزويج على عبد وسط أو أمة وسط، والخلع على أمة وسط أو على عبد وسط.
والدليل على صحة ما وصفنا أن النبي -عليه السلام- قد جعل في جنين الحرة كرة عبدًا أو أمةً، وأجمع المسلمون أن ذلك لا يجب في جنين الأمة، وأن الواجب فيه دراهم أو دنانير على ما اختلفوا، فقال بعضهم: عُشر قيمة الجنين إن كان أنثى، ونصف عشر قيمته إن كان ذكرًا.
وممن قال ذلك: أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد -رحمهم الله-] (١).
وقال آخرون: نصف عُشر قيمة أُمّ الجنين.
(١) آخر ما استدركناه من "ك"، وفي "الأصل" طمس بنحو لوحة.