للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} (١) ".

وأخرجه أيضًا (٢): عن أسود، عن شريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر نحوه.

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قومٌ إلى أن من قال: لا إله إلا الله فقد صار بها مسلمًا له ما للمسلمين وعليه وما عليهم، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: سعيد بن المسيب، وطائفة من أهل الحديث، وجماعة من الظاهرية، فإنهم قالوا: من قال: لا إله إلا الله فقد صار مسلمًا، فلا يتعرض إليه، واستدلوا في ذلك بالأحاديث المذكورة.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لا حجة لكم في هذا الحديث؛ لأن رسول الله -عليه السلام- إنما كان يقاتل قومًا لا يوحدون الله -عز وجل-، فكان أحدهم إذا وحَّد الله -عز وجل- عُلم بذلك تركه لما قوتل عليه وخروجه منه، ولم يُعلم بذلك دخولهم في الإِسلام أو بعض الملل التي توحد الله وتكفر به بجحدها رسله، وغير ذلك من الوجوه التي يكفر بها أهلها مع توحيدهم لله -عز وجل-، فكان حكم هؤلاء أن لا يقاتلوا إذا وقعت هذه الشبهة حتى تقوم الحجة على من يقالتهم بوجوب قتالهم؛ فلهذا كَفَّ رسول الله -عليه السلام- عن قتال من كان يقاتل بقولهم لا إله إلا الله، فأما من سواهم من اليهود فإنا قد رأيناهم يشهدون أن لا إله إلا الله ويجحدون النبي -عليه السلام-، فليسوا بإقرارهم بتوحيد الله -عز وجل- مسلمين؛ إذ كانوا جاحدين برسول الله -عليه السلام-، فإذا أقروا برسول الله -عليه السلام- عُلِمَ بذلك خروجهم من اليهودية ولم يعلم به دخولهم في الإِسلام؛ لأنه قد يجوز أن يكونوا قد انتحلوا قول من يقول: إن محمدًا رسول الله إلى العرب خاصةً، وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بَعَثَ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى خيبر وأهلها


(١) سورة الغاشية، آية: [٢١, ٢٢].
(٢) "مسند أحمد" (٣/ ٣٣٩ رقم ١٤٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>