أوساخ أموالهم، "وإنها لا تحل لمحمد ولا لأحد من أهل بيته"، وقد مرَّ حكم هذا الحديث في باب:"الصدقة على بني هاشم" مستوفى.
الوجه الثاني: هو قوله: "وقد يجوز أن يكون منعها منه. . ." إلى آخره.
تقريره أن يقال: يجوز أن يكون منعه -عليه السلام- إياها عن ذلك، لا لكونها غير مستحقة لذلك، بل إنما كان ذلك لكونه -عليه السلام- لم يقسم ذلك السبْي حينئذٍ ولم يكن له أن يعطي منه أحدًا شيئًا قبل القسمة، فلما قسمه جاز أن يكون أعطاها من ذلك شيئًا، وأعطى غيرها أيضًا حقَّه، فيكون الترك لعلة عدم القسمة؛ فصبَّرها حينئذٍ ودلَّها على ما هو خير من ذلك مما يقربها إلى الله تعالى والزلفى عنده، وهو تسبيح الله تعالى وتحميده وتهليله.
الوجه الثالث: هو قوله: "وقد يجوز أن يكون منعها منه لأنها ليست قرابة. . ." إلى آخره.
تقريره أن يقال: يجوز أن يكون منعه إياها عنه لكونها ليست بقرابة؛ لأنها أقرب من القرابة، ألا ترى أن الولد لا يقال: هو من قرابة أبيه؛ لأنه أقرب من ذلك؟ والدليل على ذلك عطف الأقربين علي الوالدين في الآية المذكورة والمعطوف غير المعطوف عليه، فيكون الوالدان غير الأقربين؛ لأنهما أقرب من الأقربين، فإذا خرج الوالد من قرابة ولده فكذلك الولد يخرج من قرابة والده، وعلى هذا بنى محمد بن الحسن في "المبسوط" في كتاب الوصايا المسألة المذكورة وهي ظاهرة.
ص: وأما ما احتجوا به من فعل أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، وأن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينكروا ذلك عليهما، فإن هذا مما يَسَع فيه اجتهاد الرأي، فرأيا هما ذلك واجتهدا، فكان ما أداهما إليه اجتهادهما ما رأيا من ذلك، فحكما به، وهو الذي كان عليهما وهما في ذلك مثابان مأجوران.
وأما قولهم:"ولم ينكر ذلك عليهما أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فكيف يجوز أن ينكر ذلك عليهما أحد وهما إماما عدلٍ رَأَيَا رأيًا فحكما به، وفعلا في ذلك الذي