لهم الإنكار عليهما وهما إمامان عادلان وخليفتان راشدان مهديان، على أن أحدًا منهم لم يستند في اجتهاده في هذا الحكم على توقيف من كتاب أو سنة أو إجماع، والباقي ظاهر.
قوله:"فرأيا هما ذلك" أي فرأى أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-.
وقوله:"هما" ضمير مرفوع؛ ذكره تأكيدًا لما في "رأيا" من الضمير المرفوع أيضًا.
ص: وأما قولهم: "ثم أفضى الأمر إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فلم يُغيِّر من ذلك شيئًا عما كان وضعه عليه أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-، قالوا: فذلك دليلٌ على أنه رأى في ذلك أيضًا مِثل الذي رأيا" فليس ذلك كما ذكروا؛ لأنه لم يكن بقي في يد على -رضي الله عنه- ما كان وقع في يد أبي بكر وعمر من ذلك؛ لأنهما لما وقع في أيديهما أنفذاه في وجوهه التي رأياها في ذلك الذي كان عليهما، ثم أفضى الأمر إلى علي -رضي الله عنه-، فلم نعلم أنه سبى أحدًا, ولا ظهر على أحد من العدو، ولا غنم غنيمة يجب فيها خُمس لله -عز وجل-؛ لأنه إنما كان شغله في خلافته كلها بقتال من خالفه ممن لا يُسبى ولا يُغنم، وإنما يحتج بقول علي -رضي الله عنه- في ذلك لو سبى وغنم ففعل في خُمس ذلك مثل ما كان أبو بكر وعمر فعلا في الأخماس، فأما إذا لم يكن سبى ولا غنم؛ فلا حجة. لأحد في تركه تغيير ما كان فُعِلَ قبله من ذلك، ولو كان بقي في يده من ذلك شيء مما كان غنمه مَن كان قبله فحرمه ذوي قرابة رسول الله -عليه السلام- لما كان في ذلك أيضًا حجة تدل على مذهبه في ذلك كيف كان؟ لأن ذلك إنما صار إليه بعد ما نفذ فيه الحكم من الإِمام الذي كان قبله، فلم يكن له إبطال ذلك الحكم وإن كان يرى هو خلافه؛ لأن ذلك الحكم مما يختلف فيه العلماء، ولو كان علي -رضي الله عنه- رأى في ذلك ما كان أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- رأياه؛ لكان في قرابة رسول الله -عليه السلام- من قد خالفه، لقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كنا نُرَى أنا نحن هم، فأبى ذلك علينا قومنا".
وهذه جوابات الحجج التي احتج بها الذين نفوا سهم ذوي القرابة أن يكون واجبًا لهم بعد رسول الله -عليه السلام- ولا في حياته، وأنهم كانوا في ذلك كسائر الفقراء،