ش: هذا أيضًا جواب عما احتج به أهل المقالة الأولى لما ذهبوا إليه بحجج متعددة، منها كان قولهم:"ثم هذا علي -رضي الله عنه- لمَّا صار الأمر إليه حمل الناس على ذلك أيضاً. . ." إلى آخره، فأجاب عن هذا بقوله:"وأما قولهم" أي قول أهل المقالة الأولى.
بيان وجه احتجاجهم بذلك: أن عليًّا -رضي الله عنه- لما أفضى إليه الأمر -يعني لما انتهت إليه الخلافة من بعد عثمان -رضي الله عنه-- لم يُغيِّر ما كان فعله أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- من قسمته جميع الخُمس وعدم إعطائه لقرابة رسول الله -عليه السلام- من ذلك شيئًا، وهذا دليل على أن عليًّا -رضي الله عنه- رأى في ذلك مثل ما رأى أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-.
وأجاب عن ذلك بقوله:"فليس ذلك كما ذكروا. . ." إلى آخره. وتقريره من وجهين:
أحدهما: بطريق المنع؛ وهو أن يقال: لا نُسلِّم أن يكون الأمر كما ذكرتم؛ لأن عليًّا -رضي الله عنه- لم يبق في يده مما كان وقع في يد أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-؛ لأنهما قد كانا أنفذا ذلك في وجوهه التي رأياها ولم يبق من ذلك شيء.
ولا نعلم أيضًا أن عليًّا -رضي الله عنه- سبى أحدًا, ولا ظهر على أحدٍ من العدو، ولا غنم غنيمة يجب فيها خُمس لله -عز وجل-؛ لأن اشتغاله في خلافته كلها إنما كان بالمخالفين له من الشاميين وغيرهم، وإنما يتوجه احتجاجهم بذلك أن لو سبى علي أو غنم شيئًا ثم فعل مثل ما فعل الشيخان.
والآخر: بطريق التسليم، وهو أن يقال: سلَّمنا أنه قد بقي في يد علي -رضي الله عنه- من ذلك شيء، ومنع ذوي قرابة رسول الله -عليه السلام- وليس فيه حجة لهم أيضًا؛ لأن ذلك إنما كان بعدما نفذ فيه الحكم من الإمامين اللذين قبله، فإذا نفذ إمامٌ أمرًا ووقع الحكم به فليس للإمام الذي يأتي بعده أن يبطله، وإن كان ذاك خلاف ما يراه في