اجتهاده؛ لأنا قلنا: إن باب الإجتهاد واسع واختلاف العلماء فيه واقع.
قوله:"فَحَرَمَه" من قولهم: حرمه الشيء يَحْرِمُه حَرمًا -مثال سَرَقَه يَسْرِقُه سَرِقًا بكسر الراء- وحرمه وحريمه وحرمانًا، وأحرمه أيضًا إذا منعه إياه.
ص: فأردنا أن ننظر في قول من جعله لقرابة الخليفة من بعد رسول الله -عليه السلام-، وجعل سهم رسول الله -عليه السلام- للخليفة من بعده، هل لذلك وجه؟
فرأينا رسول الله -عليه السلام- قد كان فُضِّل بسهم الصَّفِيّ، وبخُمس الخُمس، وجعل له مع ذلك في الغنيمة سهم كسهم رجل من المسلمين، ثم رأيناهم قد أجمعوا أن سهم الصَّفِي ليس لأحد بعد رسول الله -عليه السلام-، وأن حكم رسول الله -عليه السلام- في ذلك خلاف حكم الإِمام من بعده؛ فثبت بذلك أيضًا أن حكمه في خُمس الخُمس خلاف حكم الإِمام من بعده، وإذا ثبت أن حكمه فيما وصفنا خلاف حكم الإِمام من بعده، ثبت أن حكم قرابته خلاف حكم قرابة الإِمام من بعده.
فثبتت أحد القولين من الآخرين، فنظرنا في ذلك فإذا الله -عز وجل- قد قال:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}(١)، فكان سهم الرسول -عليه السلام- جاريًا له ما كان حيًّا إلى أن مات، فانقطع بموته، وكان سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل بعد وفاة النبي -عليه السلام- كما كان قبل ذلك.
ثم اختلفوا في سهم ذوي القربى، فقال قوم: هو لهم بعد وفاة النبي -عليه السلام- كما كان لهم في حياته.
وقال قوم: قد انقطع عنهم بموته، وكان الله -عز وجل- قد جمع كل قرابة رسول الله -عليه السلام- في قوله:{وَلِذِي الْقُرْبَى}(١) فلم يخص أحدًا منهم دون أحد، ثم قسم ذلك النبي -عليه السلام- فأعطى منهم بني هاشم وبني المطلب خاصّةً، وحرم بني أمية