للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن لا يكون داخلًا في النهي، إلا أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة الخيل من مزاوجة الحمر وكراهية اختلاط مائها بمائها لئلا يضيع طرفها, ولئلا يكون منه الحيوان المركب من النوعين المختلفين؛ فإن أكثر المركبات المتولدة من جنسين من الحيوان أخبث طبعًا من أصولها التي تتولد منها وأشد شرًّا، كالسباع والعقبان، وكذلك البغل لما يعتريه من الشماس والحران ونحوهما من الآفات والعيوب، ثم هو حيوان عقيم ليس له نسل ولا نماء ولا يزكى.

قلت: هذا ليس بسديد؛ فإن الله تعالى قال: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ} (١) فذكر البغال وامتنَّ علينا بها كامتنانه بالخيل، وأفرد ذكرها بالاسم الخاص الموضوع لها، ونبَّه على ما فيها من الأرب والمنفعة، والمكروه من الأشياء مذموم لا يستحق المدح ولا يقع بها امتنان، وقد استعمل -عليه السلام- البغل وركبه حضرًا وسفرًا، وكان يوم حنين على بغلته كما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى، ولو كان مكروهًا لم يقتنه.

قوله: "وقد حدثنا. . ." إلي آخره. بيان لما ذكره من قوله: "ولأن الناس إذا تحاموا كسبهم".

أخرجه عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن القواريري، هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي أبو سعيد البصري، شيخ الشيخين وأبي داود.

وهو يروي عن عفيف بن سالم الموصلي وثقه يحيى وأبو داود والنسائي وابن حبان، عن العلاء بن عيسى الذهلي [. . . . .] (٢).

ص: فمما روي عن رسول -عليه السلام- في ركوب البغال: ما قد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا القواريري، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن أبي إسحاق قال: "قال رجل للبراء: يا أبا عمارة ولَّيْتم يوم حنين؟ قال: لا والله، ما ولَّى رسول الله -عليه السلام-، وكان ولَّى سرعان الناس تلقيهم هوازن بالنبل،


(١) سورة النحل، آية: [٨].
(٢) بيض له المؤلف -رحمه الله-، وقال في "المغاني": لم أقف له على حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>