المضحي بها عنهم من أهل بيت واحد أو من أهل أبيات شتى، لأن النبي -عليه السلام- ضحى بالكبش الذي ضحى به عن جميع أمته وهم أهل أبيات شتى، فإن كان ذلك ثابتًا لمن بعد النبي -عليه السلام-؛ فهو يجزئ عمن أجزأه بذبح النبي -عليه السلام-، فثبت بهذا قول الذين قالوا: يضحى بها عن أهل البيت وعن غيرهم.
ش: وأراد بالقوم هؤلاء: جماعة الظاهرية منهم: داود. وطائفة من أهل الحديث ومالكًا والشافعي.
ثم إن هؤلاء افترقوا على فرقتين، فقالت فرقة -منهم مالك وأصحابه-: لا تجزئ إلا أن تكون الجماعة الذين يضحى بها عنهم من أهل بيت واحد، وقالت فرقة -منهم الشافعي وأصحابه وداود وأصحابه-: إن ذلك يجزئ كان المضحي بها عنهم من أهل بيت واحد أو من أهل أبيات كثيرين.
وقال ابن حزم (١): وجائز أن يشترك في الأضحية الواحدة -أي شيء كانت- الجماعة من أهل البيت وغيرهم، وجائز أن يضحي الواحد بعدد من الأضاحي، ضحى رسول الله -عليه السلام- بكبشين ولم ينه عن أكثر من ذلك، والأضحية فعل خير؛ فالاستكثار من الخير حسن.
وقال مالك: تجزئ الرأس الواحدة من الإبل أو البقر أو الغنم عن واحدٍ وعن أهل البيت وإن كثر عددهم والله أعلم.
وقال الخطابي: الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهله وإن كثروا وأجازه مالك والشافعي وجماعة وكرهه أبو حنيفة.
ص: ثم كان الكلام بين أهل هذا القول وبين الفرقة التي تخالف هؤلاء جميعًا وتقول: إن الشاة لا تجزئ عن أكثر من واحد وتذهب إلى أن ما كان من النبي -عليه السلام- مما احتجت به الفرقتان الأوليان لقولهما منسوخ أو مخصوص فمما دل على ذلك: أن الكبش لما كان يجزئ عن غير واحد لا وقت في ذلك ولا عدد كانت