خاصة، فذلك يحتمل ما احتمله حديث ابن جزء على ما فسرناه، وكراهة الاستقبال في الكراييس المذكور فيه، فهو عن رأيه، ولم يحكه عن النبي -عليه السلام-.
فقد يجوز أن يكون سمع من النبي -عليه السلام- ما سمع، فعلم أن النبي -عليه السلام- أراد به الصحاري، ثم حكم هو للبيوت برأيه بمثل ذلك.
ويجوز أن يكون النبي -عليه السلام- أراد البيوت والصحاري إلا أنه ليس في ذلك دليل عن النبي -عليه السلام- يبين لنا أنه أراد أحد المعنيين دون الآخر، وحديث عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان وحديث معقل بن أبي معقل وحديث أبي هريرة - رضي الله عنهم - فما منها عن النبي -عليه السلام- فمثل ذلك أيضًا.
ثم عدنا إلى ما رويناه في الإباحة، فهذا ابن عمر يقول:"رأيت النبي -عليه السلام- على ظهر بيت مستقبل القبلة" فاحتمل أن يكون ذلك على الإباحة لذلك في البيوت خاصة، فكان أراد به فيما روي عنه في النهي على الصحاري خاصة، فأولى بنا أن نجعل هذا الحديث زائد على الأحاديث الأُول غير مخالف لها، فيكون هذا على البيوت، وتلك الأحاديث الأُول على الصحاري، وهذا قول مالك بن أنس.
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أنه سمع مالكًا يقول ذلك.
ثم رجعنا إلى حديث أبي قتادة ففيه أنه رأى النبي -عليه السلام- يبول مستقبل القبلة، فقد يكون رآه حيث رآه ابن عمر فيكون -يعني حديثه، وحديث ابن عمر- سواء، أو يكون رآه في صحراء، فيخالف حديث ابن عمر، وينسخ الأحاديث الأُول فهو عندنا غير ناسخ لها، حتى نعلم يقينا أنه قد نسخها.
وأما حديث جابر ففيه النهي عن رسول الله -عليه السلام- عن استقبال القبلة واستدبارها لغائط أو بول، ولم يبين مكانا، فيحتمل أن يكون ذلك أيضًا على ما فسرنا وبَيَّنَّا من حديث أبي أيوب - رضي الله عنه - فلا حجة فيها أيضًا توجب مضادة حديث ابن عمر وأبي قتادة.