للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرًا على أنثى، ولا أنثى على ذكر، فإن فعل فهو مفسوخ أيضًا، فإن كان له ولد فأعطاهم ثم ولد له ولد فعليه أن يعطيه كما أعطاهم ويشاركهم فيما أعطاهم، وإن تغيرت عين العطية ما لم يمت أحدهم فيصير ماله لغيره فعلى الأب حينئذ أن يعطي هذا الولد كما أعطى غيره، فإن لم يفعل أعطي ما ترك أبوه من رأس ماله مثل ذلك، وروي ذلك عن جمهور السلف.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ينبغي للرجل أن يُسَوِّي بين ولده في العطية؛ ليستووا في البر، ولا يفضل بعضهم على بعض فيوقع ذلك الوحشة في قلب المفضول منهم، فإن نحل بعضهم شيئًا دون بعض وقبله المنحول لنفسه إن كان كبيرًا، أو قبضه له أبوه من نفسه إن كان صغيرًا بإعلامه والإشهاد به فهو جائز.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري والليث بن سعد والقاسم بن عبد الرحمن ومحمد بن المنكدر وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ومالكًا والشافعي وأحمد في رواية.

وقال أبو عمر: واختلف العلماء في كيفية التسوية بين الأبناء في العطية، فقال منهم قائلون: التسوية بينهم أن يعطي الذكر مثل ما يعطي الأنثى، وممن قال ذلك: الثوري وابن المبارك.

وقال آخرون: التسوية أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، وممن قال بهذا: عطاء بن أبي رباح، وهو قول محمَّد بن الحسن، وإليه ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، ولا أحفظ لمالك في هذه المسألة قولًا.

ثم اختلف الفقهاء في معنى التسوية هل هو على الإيجاب أو على الندب؟

فأما مالك والليث والثوري والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه فأجزوا أن يخص بعض بنيه دون بعض بالنحلة والعطية على كراهية من بعضهم، والتسوية أحب إلى جميعهم، وقال الشافعي: ترك التفضيل في عطية الآباء فيه حسن الأدب، ويجوز له ذلك في الحكم. وكره الثوري وابن المبارك وأحمد أن يفضل بعض ولده على بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>