قوله:"ورضخ رأسها" بالضاد والخاء المعجمتين، من الرضخ وهو الدق والكسر هَاهنا، ويجيء بمعنى الشدخ أيضًا، وبمعنى العَطِيَّة.
قوله:"في آخر رمق" الرمق: بقية الروح التي تتردد في الحلق.
قوله:"وقد أَصْمَتت" جملة حالية على صيغة المعلوم، يقال: صمت العليل وأصمت، فهو صامت، ومصمت إذا اعتقل لسانه.
قوله:"أفلان" الهمزة فيه للاستفهام.
قوله:"أن لا" أي ليس بفلان، و"أنْ" تفسيرية في الموضعين.
قوله:"فرضَّ رأسه" من الرضّ وهو الدق الجريش، وقد مرَّ مرةً.
فإن قيل: كيف قتل رسول الله -عليه السلام- ذلك اليهودي بلا بينة ولا اعتراف؟
قلت: قد قيل: بأن هذا كان في ابتداء الإِسلام، وكان يقتل القاتل بقول القتيل. وقوله:"كان يقتل فيه"، وقال هذا المجيب: هذا معنى الحديث، وما جاء من اعتراف اليهودي فإنما جاء من رواية قتادة، ولم ينقله غيره، وهو مما عُدَّ عليه.
قلت: وفيه نظر؛ فإن لفظة الاعتراف أخرجها البخاري في "صحيحه" وأبو داود والترمذي، وفي "صحيح مسلم": "فأخذ اليهودي فاعترف" وفي لفظ للبخاري "فلم يزل به حتى أقر".
فإذا كان كذلك لا يرد السؤال المذكور؛ لأن القتل حينئذٍ يكون بالاعتراف.
وقال الخطابي: أقل ما يؤخذ من هذا الحديث لفظة: "فاعترف فقتل" وفيها الشفاء والبيان أن النبي -عليه السلام- لم يقتل اليهودي بإيماء المدعي، أو بقوله، وقد شغب بعض الناس في هذا حين وجد أكثر الروايات خاليًا عن هذه اللفظة، فقال: كيف يجوز أن يقتل أحد بقول المدعي أو بكلامه فضلًا عن إيمائه برأسه؟! وأنكروا هذا الحديث، وهذه اللفظة لو لم تكن مروية في هذه القصة لم يكن ضرر؛ لأن من العلم الشائع المستفيض على لسان الأمة خاصتهم وعامتهم: أنه