لا يُستحق دم ولا مال إلا ببينة، وقد روي كثير من الحديث على الاختصار؛ اعتمادًا على أفهام المخاطبين.
قلت: يمكن أن يكون -عليه السلام- قتل بلا بيّنة ولا اعتراف لسبب موجب لقتله غير إيماء الصبية، قد ظهر عنده ذلك وثبت، كما ذكرناه عن قريب، أو نقول: كان -عليه السلام- قد علمه بالوحي فلذلك قتله.
فإن قيل: اختلفت ألفاظ هذا الحديث، ففيما مضى في رواية:"رضَّ رأسه بين حجرين" وفي أخرى لـ"مسلم ": "فرضخ رأسه بين حجرين"، وفي رواية أخرى لأبي داود عن أنس:"أن يهوديًا قتل جاريةً من الأنصار على حلي لها، ثم ألقاها في قليب ورضخ رأسها بالحجارة، فَأُخِذَ، فأتي به النبي -عليه السلام-، فأَمر به أن يرجم حتى يموت، فرجم حتى مات".
قلت: لا اختلاف في ذلك في المعنى؛ لأن الرجم والرضخ والرضّ كله عبارة عن الضرب بالحجارة، لكن بيَّن قتادة الموضع الذي ضرب عليه، ولم يبينه أبو قِلَابة فيؤخذ بالبيان. والله أعلم.
ص: حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني جرير بن حازم، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قال:"قدم ثمانية رهط من عكل فاستوخموا المدينة، فبعثهم النبي -عليه السلام- إلى ذَوْدٍ له، فشربوا من ألبانها، فلما صحوا ارتدوا عن الإسلام، وقتلوا راعي الإبل، وساقوا الإبل، فبعث في آثارهم، فأُخِذوا، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمَل أعينهم، وتركهم حتى ماتوا".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن بكر، قال: ثنا حميد الطويل، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه.
حدثنا أبو أميّة، قال: ثنا قبيصة، عن سفيان، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس - رضي الله عنه -: " {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} قال: هم من عكل، قطع النبي -عليه السلام- أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم".